كتاب الإكليل في استنباط التنزيل

جريان الدم لا يصح ولا يبيح فوقف حمل الوطء على الانقطاع بقوله {حَتَّى يَطْهُرْنَ}
وعلى الإغتسال بقوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}
ويؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ}
يقول: اعتزلوا نكاح فروجهن ولا تقربوهن حتى يطهرن من الدم فإذا تطهرن بالماء، واستدل بعموم الآية من قال بإجبار الذمية على الغسل من الحيض.
قوله تعالى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} .
قال ابن عباس من حيث أمركم أن تعتزلوهن في الحيض وهو الفرج خاصة أخرجه ابن جرير ففيه اختصاص الوطء بالفرج وكذا قال مجاهد وغيره.
223- قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} .
قال ابن عباس أي نائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة. أخرجه عبد في تفسيره، وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عنه قال: من حيث جاء الدم من ثم أمرت أ، تأتي، فقيل: كيف {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}
؟ قال ويحك وفي الدبر من حرث؟ لو كان ما تقول حقاً لكان المحيض منسوخاً إذا شغل من ههنا جئت من ههنا ولكن أنى شئتم من الليل والنهار وأخرج ابن جرير عنه قال يعني بالحرث الفرج ومن طريق عكرمة عنه قال الحرث موضع الولد واستدل ابن عمر بالآية على إباحة الوطء في الدبر. وقال إنما نزلت لاخصة فيه، أخرجه البخاري وغيره وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الطحاوي: روى أصبغ بن الفرج عن عبد الرحمن ابن القاسم قال ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال ثم قرأ الآية قال أي شيء أبين من هذا؟ واستدل آخرون بها على إباحة العزل أخرج الحاكم عن ابن عباس أنه سئل عن العزل فقال إنكم قد أكثرتم فإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه شيئاً فهو كما قال وإن لم يكن قال فيه شيئاً فأنا أقول: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}
فإن شئتم فاعتزلوا وإن شئتم فلا تفعلوا.
قوله تعالى: {وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} .
قال ابن عباس يقول: بسم الله عن الجماع أخرجه ابن جرير.
224- قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} الآية.
قال ابن عباس يقول الله لاتجعلني عرضة ليمينك أن لا تصلع الخير ولكن كفر عن يمينك وأصنع الخير، وأخرجه ابن أبي حاتم ففيه استحباب الحنث والتكفير لمن حلف يميناً فرأى غيرها خير منها، وقيل أراد به النهي عن كثرة الحلف لأنه نوع جراءة على الله وابتذال لاسمه في كل حق أو باطل.

الصفحة 52