كتاب غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر

* * *
8- ومن صفاته: "المُهَيْمِنُ".
وهو: الشهيدُ. قال الله: {وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (1) ؛ أي: شاهدًا عليه. هكذا قال ابن عباس في رواية أبي صالح عنه.
وروى عنه - من غير هذه الجهة - أنه قال: "أمينًا عليه" (2) .
وهذا أعجبُ إليَّ؛ وإن كان التفسيران متقارَبيْن. لأن أهل النظر - من أصحاب اللغة - يَرَون: أن "مُهَيْمِنًا" اسم مبني من "آمَنَ" (3) ؛ كما بُني "بَطِيرٌ" و "مُبَيْطِرٌ" و "بَيْطارٌ" من "بَطَر". قال الطِّرِمَّاحُ:
كَبَزْغِ الْبَطِيرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الْكَوَادِنِ (4)
__________
(1) سورة المائدة 48.
(2) راجع سائر الروايات عن ابن عباس في الدر المنثور 2/289 - 290.
(3) في اللسان 17/327 "والمهيمن الشاهد، وهو من آمن غيره من الخوف. وأصله "أَأْمَنَ" فهو "مُؤَأْمِن" بهمزتين، قلبت الهمزة الثانية ياء كراهة اجتماعهما، فصار "مُؤَيْمِن" ثم صيرت الأولى هاء، كما قالوا: هراق وأراق. وقال بعضهم "مهيمن" معنى "مؤَيمن" والهاء بدل من الهمزة، كما قالوا: هرقت وأرقت، وكما قالوا: إيَّاك وهِيَّاك. قال الأزهري: وهذا على قياس العربية صحيح مع ما جاء في التفسير أنه بمعنى "الأمين" وقيل: بمعنى "مُؤْتَمَن".
(4) ديوان الطرماح 172، واللسان 5/135، 10/300، وصدره:
"يساقطها تترى بكل خميلة"
يصف ثورا طعن الكلاب بقرنيه. والبطر: الشق، وبه سمي البيطار بيطارًا، والبطير والبَيْطر والبيطار والبِيَطْر مثل هزبر، والمبيطر: معالج الدواب. والثقف: الحاذق. والرهص: جمع رهصة، وهي مثل الوقرة، وهي أن يَدْوَى حافر الدابة من حجر تطؤه. والكوادن: البراذين.

الصفحة 11