كتاب غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر

بَابُ تَأْوِيلِ حُرُوفٍ كَثُرَتْ فِي الْكِتَابِ
1- {الجن} من "الاجْتنان"، وهو الاسْتِتارُ. يقال للدرع: جُنَّةٌ؛ لأنها سترت. ويقال: أجَنَّه الليل؛ أي: جعله من سواده في جُنّة؛ وجَنَّ عليه الليلُ.
وإِنما سموا جِنًّا: لاستتارهم عن أبصار الإنس.
وقال بعض المفسرين في قوله: {فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (1) ؛ أي: من الملائكة (2) . فسماهم جنًّا: لاجتِنَانهم واستتارهم عن الأبصار.
وقال الأعشى يذكر سليمانَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-:
وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الْمَلائِكِ تِسْعَةً ... قِيَامًا لَدَيْهِ يَعْمَلونَ بِلا أَجْرِ (3)
* * *
2- وسُمي {الإنس} إنسا: لظهورهم، وإدراكِ البصر إياهم. وهو من قولك: آنستُ كذا؛ أي: أبصرتُه. قال الله جل ثناؤه: {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} (4) أي: أبصرت.
__________
(1) سورة الكهف 50.
(2) راجع اللسان 16/ 251، ويروى عن قتادة وابن عباس أنهما قالا: إنه كان من قبيل من الملائكة يقال لهم: الجن. وأن ابن عباس قال: لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود. وقال الحسن البصري: قاتل الله أقواما يزعمون أن إبليس كان من الملائكة، والله يقول: كان من الجن. راجع تفصيل ذلك في الدر المنثور 4/ 227.
(3) البيت له في اللسان 16/ 251 وتأويل مختلف الحديث 352.
(4) سورة طه 10، وسورة النمل 7، وسورة القصص 29.

الصفحة 21