كتاب غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر

ذَعَرْتُ به القَطَا وَنَفَيْتُ عنه ... مَقَامَ الذِّئْبِ كالرَّجُلِ الُلَّعِينِ (1)
أراد مقام الذئب اللعين. أي الطريد كالرَّجُل. فكأن القائل: لعنه الله، أراد طردَه الله عنه، باعده الله منه، أسحقه الله، هذا أو نحوه.
* * *
10- و (الشِّرْك) في اللغة مصدر شَرِكْتُه في الأمر أشْرَكُه، وفي الحديث: أن مُعَاذا أجاز بين أهل اليمن الشِّرْك (2) . يراد في المزارعة أن يشترك فيها رجلان أو ثلاثة. فكان الشِّرْكَ بالله هو أن يجعل له شريك قال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (3) .
قال أبو عُبَيْدَة: كانت تَلْبِيَةُ أهل الجاهلية: لَبَّيْكَ لا شرِيك لك إلا شريك هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وما مَلَكَ (4) . فأنزل الله هذه الآية.
* * *
11- و (الجَحْدُ) في اللغة: إنكارك بلسانك ما تَسْتَيْقِنهُ نَفْسُك. قال الله جل ثناؤه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} (5) وقال: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (6) يريد أنهم لا يَنْسبُونَكَ إلى الكذب في قراءة من قرأ "يُكَذِّبُونَك" بالتشديد. ومن قرأ "يُكْذِبونك"
__________
(1) ديوانه 92 واللسان 17/ 273.
(2) الفائق 1/ 653 واللسان 12/ 334.
(3) سورة يوسف 106.
(4) الجامع لأحكام القرآن 9/ 272 وفي اللسان 2/ 335 "يعنون بالشريك: الصنم، يريدون أن الصنم وما يملكه ويختص به من الآلات التي تكون عنده وحوله والنذور التي كانوا يتقربون بها إليه- كلها ملك لله عز وجل، فذلك معنى قوله: تملكه وما ملك".
(5) سورة النمل 14.
(6) سورة الأنعام 33، وانظر تأويل مشكل القرآن 93، 247.

الصفحة 27