كتاب غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر

وأن ما وليَ الأرضَ منها إستَبْرَقٌ، وهو: الغليظ من الدِّيباج. وإذا كانت البِطانة كذلك: فالظِّهارةُ أعلى وأشرفُ.
وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لَمَنَادِيلُ سعدِ بن مُعاذٍ -في الجنة- أحسنُ من هذه الحُلَّة " (1) . فذكر المناديلَ دون غيرها: لأنها أخشنُ من الثياب. وكذلك البطائنُ: أخشنُ من الظواهر.
وأما قولهم: ظهر السماء وبطن السماء؛ -لما ولِينَا-:فإن هذا قد يجوز في ذي الوَجْهين المتساويَيْن إذا ولِيَ كلُّ واحد منهما قومًا. تقول في حائط بينك وبين قوم -لِمَا ولِيَكَ منه-: هذا ظهرُ الحائط؛ ويقول الآخَرون لما ولِيَهم: هذا ظهر الحائط. فكلُّ واحد -من الوجهين-: ظهرٌ وبطنٌ. ومثلُ هذا كثيرٌ.
كذلك السماء: ما وَلِينا منها ظهرٌ؛ وهو لمن فوقها -من الملائكة- بطنٌ.
56، 74- {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ} قال أبو عبيدة: لم يَمْسَسْهن (2) . ويقال: ناقة صعبة لم يَطمِثْها فحلٌ قط؛ أي لم يمسسها.
وقال الفراء (3) : {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} لم يفتَضَّهن. و "الطَّمْث": النكاح بالتَّدْمِيَة. ومنه قيل للحائض: طامثٌ.
64- {مُدْهَامَّتَانِ} سَوْداوَان من شدة الخُضرة والرِّيّ (4) . قال ذو الرُّمة -وذكر غيثًا-:
__________
(1) أخرجه الترمذي والنسائي من طريق البراء؛ وأخرجه أحمد والشيخان من طريقه وطريق أنس رضي الله عنهما. على ما في الفتح الكبير 3/295.
(2) الطبري 27/87، والقرطبي 17/181 و 189، والبحر 8/198، والدر 6/147، واللسان 2/471.
(3) اللسان والقرطبي وحكاه الطبري عن أهل العلم بالعربية من الكوفيين، مريدا إياه. وروي نحوه عن ابن عباس، في البحر.
(4) كما قال مجاهد. واختاره الطبري. وذكر نحوه في اللسان 15/99، قائلا بعده: "يقول خضراوان إلى السواد من الري. وقال الزجاج: يعني أنهما خضراوان تضرب خضرتهما إلى السواد". وحكي عن ابن عباس وغيره نحو قول الزجاج. والتفسيران متقاربان. فراجع أيضا: القرطبي 17/184، والطبري 27/89-90، والبحر 8/198، والدر 6/149.

الصفحة 442