كتاب غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر

17- {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} أي لنختبرَهم، فنعلم كيف شكرُهم.
{يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} أي عذابًا شاقًّا. يقال: تصعّدني الأمر؛ إذا شق عليّ.
ومنه قول عمرَ: "ما تَصَعَّدَنِي شيءٌ ما تصعَّدَتْنِي (1) خِطْبَةُ النِّكاح".
ومنه قوله: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (2) أي عقبةً شاقةً.
ونرى (3) أصلَ هذا كلِّه من "الصُّعود": لأنه شاقٌّ؛ فكُنِّي به عن المشقات.
18- {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} أي السُّجود لله. هو جمع "مَسجَد"؛ يقال: سجدت سجودًا ومَسجَدًا؛ كما يقال: ضربت في البلاد ضربًا ومَضرَبًا. ثم يجمع فيقال: المساجدُ لله. كما يقال: المضاربُ في الأرض لطلب الرزق (4) .
19- {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} أي لما قام النبي-صلى الله عليه وسلم- يدعو إليه (5) .
{كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} أي يَلْبُدون به [ويَتَراكبُون] : (6) رغبةً في القرآن، وشهوةً لاستماعه.
وهو جمع "لِبْدَة"؛ يقال: غَشِيَتْه لِبدةٌ من الحِرَام (7) أي قطعةٌ لَبَدتْ به.
__________
(1) كذا في القرطبي 19/ 18، والكشاف 2/ 495، والفخر 8/ 243، والنهاية 2/263، واللسان 4/239. وفي الأصل: "تصعدني". وذكر قول عمر في البحر 8/ 352 باختلاف.
(2) سورة المدثر 17، وانظر المشكل 335، والفخر 8/ 244، واللسان 4/ 238.
(3) بالأصل: "ويروى"! والذي في النهاية واللسان أن كلام عمر من "الصعود" بالفتح: العقبة الشاقة. وانظر كلام أبي عبيدة المذكور في القرطبي 19/ 19، وما روي عن ابن عباس فيه وفي الفخر.
(4) ذكر في المشكل 335 مختصرا. وحكي كذلك في القرطبي 19/ 20، والبحر 8/ 352، والكشاف 2/ 495. ورواه الفخر 8/ 244 عن الحسن.
(5) أي إلى الله كما قال ابن جريج. على ما في القرطبي 19/ 22. وفي المشكل 235: "يدعو الله"؛ أي يعبده وحده. على ما في القرطبي والفخر 8/ 244-245.
(6) كما في المشكل. أي يركب بعضهم بعضا، كما قال القرطبي والأزهري على ما في اللسان 4/392. وقال الضحاك -كما في القرطبي والطبري 29/ 74-: " ... يركبونه ... ".
(7) كذا بالأصل غير مضبوط. والظاهر أن المراد منه الشياه، أي صوفها. واحدتها: "حرمي" بفتح فسكون. على ما في اللسان 15/15-16. وعبارة القرطين: "الجن"!.

الصفحة 491