كتاب غريب القرآن لابن قتيبة ت أحمد صقر

جزاء الاعتداء. على ما بينت في كتاب "المشكل" (1) .
196- {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} من الإحصار. وهو أن يعرض للرجل ما يحول بينه وبين الحج من مرض أو كَسْرٍ (2) أو عدو. يقال: أُحْصِرَ الرجلُ إحْصارًا فهو مُحْصَر. فإن حُبِسَ في سجن أو دار قيل: قد حُصِرَ فهو مَحْصُور.
{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} أي فما تَيَسَّرَ من الهَدْي وأمكن. والهَدْيُ ما أُهدِيَ إلى البيت. وأصله هَدِيٌّ مشددٌ فخفف. وقد قرئ: (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدِيُّ مَحِلَّهُ) بالتشديد (3) . واحده هَدِيَّةٌ. ثم يخفف فيقال: هَدْيَة.
{وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} هو من حَلَّ يَحِلُّ والمَحِلُّ: الموضع الذي يحل به نحره.
{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} أراد فَحَلَقَ.
{فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ} فحذف "فحلق" اختصارا، على ما بينت في "تأويل المشكل"
{أَوْ نُسُكٍ} أي ذَبْح. يقال: نَسَكْتُ لله، أي: ذَبَحْتُ له.
197- {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة.
__________
(1) راجع تأويل مشكل القرآن 215.
(2) يريد به كسر الراحلة، وكذلك عبر الطبري في بسطه لهذا الكلام 4/22 وانظر معنى الإحصار واختلاف العلماء في المانع في تفسير القرطبي 2/371 - 372 والبحر المحيط 2/60.
(3) الذي قرأه بالتشديد الأعرج، كما في اللسان 20/234. وإنما سمي هديا لأن مهديه يتقرب به إلى الله، وهو بمنزلة الهدية يهديها الرجل إلى غيره، يتقرب بها إليه، كما قال الطبري 3/35.

الصفحة 78