كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 14)

ويُحْمَد قِيلَ لِلَّهِ أَبُوكَ، فِي مَعْرض المَدْح والتَّعجب أَي أَبوك لِلَّهِ خَالِصًا حَيْثُ أَنْجَب بِكَ وأَتى بمِثْلِك. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: إِذا قَالَ الرجلُ لِلرَّجُلِ لَا أُمَّ لَهُ فَمَعْنَاهُ لَيْسَ لَهُ أُمٌّ حرَّة، وَهُوَ شَتْم، وَذَلِكَ أَنَّ بَني الإِماء لَيْسُوا بمرْضِيِّين وَلَا لاحِقِينَ بِبَنِي الأَحرار والأَشراف، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا أُمَّ لَك يَقُولُ أَنت لَقِيطٌ لَا تُعْرَف لَكَ أُمّ، قَالَ: وَلَا يَقُولُ الرجُل لصاحِبه لَا أُمّ لَكَ إِلَّا فِي غَضَبِهِ عَلَيْهِ وَتَقْصِيرِهِ بِهِ شاتِماً، وأَما إِذا قَالَ لَا أَبا لَك فَلَمْ يَترك لَهُ مِنَ الشَّتِيمة شَيْئًا، وإِذا أَراد كَرَامَةً قَالَ: لَا أَبا لِشانِيكَ، وَلَا أَبَ لِشانِيكَ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: يُقَالُ لَا أَبَ لكَ وَلَا أَبَكَ، بِغَيْرِ لَامٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شُمَيْلٍ: أَنه سأَل الْخَلِيلَ عَنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لَا أَبا لَكَ فَقَالَ: مَعْنَاهُ لَا كافيَ لَكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ أَنك تَجُرُّنِي أَمرك حَمْدٌ «1». وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَوْلِهِمْ لَا أَبَا لَك كَلِمَةٌ تَفْصِلُ بِها الْعَرَبُ كلامَها. وأَبو المرأَة: زوجُها؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ. وَمِنَ المُكَنَّى بالأَب قَوْلُهُمْ: أَبو الحَرِث كُنْيَةُ الأَسَدِ، أَبو جَعْدَة كُنْية الذِّئْبِ، أَبو حُصَيْنٍ كُنْيةُ الثَّعْلَب، أَبو ضَوْطَرى الأَحْمَقُ، أَبو حاجِب النَّارُ لَا يُنْتَفَع بِهَا، أَبو جُخادِب الجَراد، وأَبو بَراقِش لِطَائِرٍ مُبَرْقَش، وأَبو قَلَمُونَ لثَوْب يَتَلَوَّن أَلْواناً، وأَبو قُبَيْسٍ جبَل بِمَكَّةَ، وأَبو دارِسٍ كُنْية الفَرْج مِنَ الدَّرْس وَهُوَ الحَيْض، وأَبو عَمْرَة كُنْية الجُوع؛ وَقَالَ:
حَلَّ أَبو عَمْرَة وَسْطَ حُجْرَتي
وأَبو مالِكٍ: كُنْية الهَرَم؛ قَالَ:
أَبا مالِك، إِنَّ الغَواني هَجَرْنني ... أَبا مالِكٍ، إِني أَظنُّك دائِبا
وَفِي حَدِيثِ
رُقَيْقَة: هَنِيئاً لَكَ أَبا البَطحاء
إِنَّما سمَّوْه أَبا الْبَطْحَاءِ لأَنهم شَرفُوا بِهِ وعَظُمُوا بِدُعَائِهِ وَهِدَايَتِهِ كَمَا يُقَالُ للمِطْعام أَبو الأَضْياف. وَفِي حَدِيثِ
وَائِلِ بْنِ حُجْر: مِنْ مُحَمَّدٍ رسولِ اللَّهِ إِلى المُهاجِر بن أَبو أُمَيَّة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: حَقُّه أَن يَقُولَ ابنِ أَبي أُمَيَّة، وَلَكِنَّهُ لاشْتهارِه بالكُنْية وَلَمْ يَكُنْ لَهُ اسْمٌ مَعْرُوفٌ غَيْرُهُ، لَمْ يجرَّ كَمَا قِيلَ عَلِيُّ بْنُ أَبو طَالِبٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: قَالَتْ عَنْ حَفْصَةَ وَكَانَتْ بنتَ أَبيها
أَي أَنها شَبِيهَةٌ بِهِ فِي قُوَّة النَّفْسِ وحِدَّة الخلُق والمُبادَرة إِلى الأَشياء. والأَبْواء، بِالْمَدِّ: مَوْضِعٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الأَبْواء، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ والمدِّ، جَبَل بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَعِنْدَهُ بَلَدٌ ينسَب إِليه. وكَفْرآبِيا: مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: ذِكْر أَبَّى، هِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ: بِئْرٌ مِنْ آبَارِ بَنِي قُرَيظة وأَموالهِم يُقَالُ لَهَا بِئْرُ أَبَّى، نَزَلها سيدُنا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا أَتى بَنِي قُريظة.
أتى: الإِتْيان: المَجيء. أَتَيْته أَتْياً وأُتِيّاً وإِتِيّاً وإِتْيَاناً وإِتْيَانَةً ومَأْتَاةً: جِئْته؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فاحْتَلْ لنفسِك قَبْلَ أَتْيِ العَسْكَرِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ النِّساء المُواتِيةُ لِزَوْجها
؛ المُواتاةُ: حُسْنُ المُطاوعةِ والمُوافقةِ، وأَصلُها الهمزُ فخفِّف وكثُر حَتَّى صَارَ يُقَالُ بِالْوَاوِ الخالِصة؛ قَالَ: وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ أَتاني فُلَانٌ أَتْياً وأَتْيَةً وَاحِدَةً وإِتْياناً، قَالَ: وَلَا تَقُلْ إِتْيَانَة وَاحِدَةً إِلَّا فِي اضْطِرَارِ شِعْرٍ قَبِيحٍ، لأَن المَصادر كلَّها إِذا جُعِلَتْ وَاحِدَةً رُدَّتْ إِلى بِنَاءِ فَعْلة، وذلك
__________
(1). قوله [وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَاهُ أَنَّكَ تجرني أمرك حمد] هكذا في الأَصل

الصفحة 13