كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 14)

فَيُكْسِبانه الثَّنَاءَ والحَمْد فكأَنه لِذَلِكَ أَخٌ لَهُمَا؛ وَقَوْلُهُ:
والخَمْرُ ليستْ مِنْ أَخيك ولكنْ ... قَدْ تَغُرُّ بآمِنِ الحِلْمِ
فَسَّره ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مَعْنَاهُ أنَّها ليستْ بمحابيَتِك فتكفَّ عَنْكَ بَأْسَها، ولكنَّها تَنْمِي فِي رأْسِك، قَالَ: وَعِنْدِي أَن أَخيك هاهنا جَمْعُ أَخ لأَنَّ التَّبعِيض يَقْتَضِي ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الأَخُ هاهنا وَاحِدًا يُعْنى بِهِ الجمعُ كَمَا يَقَعُ الصديقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ. قَالَ تَعَالَى: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ؛ وَقَالَ:
دَعْها فَمَا النَّحْوِيّ مِنْ صَدِيقِها
وَيُقَالُ: تركتهُ بأَخِي الخيَر أَيْ تركتهُ بِشَرّ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبي الدِّينار وأَبي زِياد: القومُ بأَخِي الشَّرِّ أَيْ بِشَرّ. وتأَخَّيْتُ الشيءَ: مِثْلُ تحَرَّيْتُه. الأَصمعي فِي قَوْلِهِ: لَا أُكَلِّمُه إِلَّا أَخا السِّرار أَيْ مِثْلَ السِّرار. وَيُقَالُ: لَقِيَ فُلَانٌ أَخا الْمَوْتِ أَي مِثْلَ الْمَوْتِ؛ وأَنشد:
لقَدْ عَلِقَتْ كَفِّي عَسِيباً بِكَزَّةٍ ... صَلا آرِزٍ لاقَى أَخَا الموتِ جاذِبُهْ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَشِيَّة جاوَزْنا حَماةَ، وسَيْرُنا ... أَخُو الجَهْدِ لَا يُلْوِي عَلَى مَن تَعذَّرا
أَيْ سَيرنُا جاهِدٌ. والأَرْزُ: الضِّيقُ والاكْتِناز. يُقَالُ: دخَلْت الْمَسْجِدَ فَكَانَ مأْرَزاً أَي غَاصًّا بأَهْلِه؛ هَذَا كُلُّهُ مِنْ ذَوَاتِ الأَلف، وَمِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ الأَخِيَة والأَخِيَّةُ، والآخِيَّة، بِالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ، وَاحِدَةُ الأَوَاخِي: عُودٌ يُعَرَّض فِي الْحَائِطِ ويُدْفَن طَرَفاه فِيهِ وَيَصِيرُ وسَطه كالعُروة تُشدُّ إِلَيْهِ الدابَّة؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ أَنْ يُدْفَن طَرَفا قِطْعَة مِنَ الحَبْل فِي الأَرض وَفِيهِ عُصَيَّة أَوْ حُجَيْر وَيَظْهَرُ مِنْهُ مِثْلُ عُرْوَةٍ تُشدُّ إِلَيْهِ الدَّابَّةُ، وَقِيلَ: هُوَ حَبْل يُدْفن فِي الأَرض ويَبْرُزُ طَرَفه فيشَدُّ بِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمِعْتُ بعضَ الْعَرَبِ يَقُولُ للحبْل الَّذِي يُدْفَن فِي الأَرض مَثْنِيّاً ويَبْرُز طَرفاه الْآخَرَانِ شِبْهَ حَلْقَةٍ وَتُشَدُّ بِهِ الدَّابَّةُ آخِيَةٌ. وَقَالَ أَعرابي لِآخَرَ: أَخِّ لِي آخِيَّة أَربُط إِلَيْهَا مُهْرِي؛ وَإِنَّمَا تُؤَخَّى الآخِيَّةُ فِي سُهولةِ الأَرَضِين لأَنها أَرْفق بالخَيل مِنَ الأَوتاد النَّاشِزَةِ عَنِ الأَرض، وَهِيَ أَثبت فِي الأَرض السَّهْلة مِنَ الوَتِد. وَيُقَالُ للأَخِيَّة: الإِدْرَوْنُ، وَالْجَمْعُ الأَدارِين. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِي: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ والإِيمان كمثَل الفَرس في آخِيَّتِه يحول ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى آخِيَّته، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْهو ثُمَّ يرجع إلى الإِيمان
؛ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنه يبعُد عَنْ رَبِّه بالذُّنوب، وأَصلُ إِيمَانِهِ ثَابِتٌ، وَالْجَمْعُ أَخَايَا وأَوَاخِيُّ مُشَدَّدًا؛ والأَخَايَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ مِثْلُ خَطِيّة وخَطايا وعِلَّتُها كعلَّتِها. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الأَخِيَّة العُرْوة تُشَدُّ بِهَا الدَّابَّةُ مَثْنِيَّةً فِي الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَجْعَلوا ظهورَكم كأَخَايَا الدوابِ
، يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ، أَيْ لَا تُقَوِّسُوها فِي الصَّلَاةِ حَتَّى تَصِيرَ كَهَذِهِ العُرى. ولفُلان عِنْدَ الأَمير آخِيَّةٌ ثَابِتَةٌ، وَالْفِعْلُ أَخَّيْت آخِيَّة تَأْخِيَةً. قَالَ: وتأَخَّيْتُ أَنَا اشتقاقُه مِنْ آخِيَّة العُود، وَهِيَ فِي تَقْدِيرِ الْفِعْلِ فاعُولة، قَالَ: وَيُقَالُ آخِيَةٌ، بِالتَّخْفِيفِ، وَيُقَالُ: آخَى فُلَانٌ فِي فُلان آخِيَة فكَفَرَها إِذَا اصْطَنَعه وأَسدى إِلَيْهِ؛ وَقَالَ الكُمَيْت:
سَتَلْقَوْن مَا آخِيّكُمْ فِي عَدُوِّكُم ... عَلَيْكُمْ، إِذَا مَا الحَرْبُ ثارَ عَكُوبُها
مَا: صِلَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا بِمَعْنَى أَيْ كأَنه

الصفحة 23