كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 14)

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، امرأَته فَقَالَ اللَّهُمَّ أَرِّ بَيْنَهما
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي أَثبت بَيْنَهُمَا؛ وأَنشد لأَعشى بَاهِلَةَ:
لَا يَتَأَرَّى لِمَا فِي القِدْرِ يَرْقُبُه
الْبَيْتَ. يَقُولُ: لَا يَتَلَبَّث وَلَا يَتَحَبَّس. وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ
، وَرَوَى
ابْنُ الأَثير أَنه دَعَا لامرأَة كَانَتْ تَفْرَك زَوْجها فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَرِّ بَيْنَهُمَا
، أَي أَلِّف وأَثبت الوُدَّ بَيْنَهُمَا، مِنْ قَوْلِهِمْ الدَّابَّةُ تَأْرِي لِلدَّابَّةِ إِذَا انضمَّت إِلَيْهَا وأَلِفَت مَعَهَا مَعْلَفاً وَاحِدًا، وآرَيْتُها أَنا، وَرَوَاهُ
ابْنُ الأَنباري: اللَّهُمَّ أَرِّ كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صاحبَه
أَي احْبِسْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى لَا يَنْصَرِفَ قَلْبُهُ إِلَى غَيْرِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ تَأَرَّيْت بِالْمَكَانِ إِذَا احْتَبَسْت فِيهِ، وَبِهِ سمِّيت الآخِيَّة آرِيّاً لأَنها تَمْنَعُ الدَّوَابَّ عَنِ الِانْفِلَاتِ، وَسُمِّيَ المَعْلَف آرِيّاً مَجَازًا، قَالَ: وَالصَّوَابُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَن يُقَالَ اللَّهُمَّ أَرِّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِحَذْفِ عَلَى فَيَكُونُ كَقَوْلِهِمْ تَعَلَّقْتُ بِفُلَانٍ وتَعَلَّقتُ فُلَانًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ: أَنه دَفَعَ إِلَيْهِ سَيْفًا لِيَقْتُلَ بِهِ رَجُلًا فاسْتَثْبَتَه فَقَالَ: أَرِّ
أَي مَكِّن وثَبِّتْ يَدِي مِنَ السَّيْفِ، وَرُوِيَ: أَرِ مُخَفَّفَةً، مِنَ الرؤْية كأَنه يَقُولُ أَرِني بِمَعْنَى أَعْطِني. الْجَوْهَرِيُّ: تَأَرَّيْت بِالْمَكَانِ أَقمت بِهِ؛ وأَنشد بَيْتَ أَعشى بَاهِلَةَ أَيضاً:
لَا يَتأَرَّى لِمَا فِي القِدْر يَرْقُبُه
وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَي لَا يَتَحَبَّس عَلَى إِدْرَاكِ القِدْر ليأْكل. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يَتَأَرَّى يَتَحَرَّى؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للحُطيئة:
وَلَا تَأَرَّى لِمَا فِي القِدْرِ يَرْقُبه، ... وَلَا يَقُومُ بأَعْلى الْفَجْرِ يَنْتَطِق
قَالَ: وأَرَّيْت أَيضاً وَإِلَى مَتى أَنت مُؤَرّ بِهِ. وأَرَّيْتُه: اسْتَرْشَدَني فغَشَشْته. وأَرَّى النارَ: عَظَّمَها ورَفَعَها. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرَّاها جَعَل لَهَا إرَةً، قَالَ: وَهَذَا لَا يَصِحُّ إِلَّا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا مِنْ وَأَرْتُ، إمَّا مستعمَلة، وَإِمَّا متوهَّمة. أَبو زَيْدٍ: أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً ونَمَّيتها تَنْمِيَةً وذكَّيْتها تَذْكِيَةً إِذَا رَفَعْتها. يُقَالُ: أَرِّ نارَك. والإِرَةُ: مَوْضِعُ النَّارِ، وأَصله إرْيٌ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ، وَالْجَمْعُ إرُونَ مِثْلُ عِزُون؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ لِكَعْبٍ أَو لِزُهَيْرٍ:
يُثِرْنَ التُّرابَ عَلَى وَجْهِه، ... كلَوْنِ الدَّواجِن فَوْقَ الإِرِينا
قَالَ: وَقَدْ تُجْمَعُ الإِرَةُ إِرَات، قَالَ: والإِرَةُ عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ محذوفةُ اللَّامِ بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى إرِين وكَوْنِ الْفِعْلِ مَحْذُوفَ اللَّامِ. يُقَالُ: أَرِّ لِنارِك أَي اجْعَل لَهَا إرَةً، قَالَ: وَقَدْ تأْتي الإِرَةُ مِثْلَ عِدَة مَحْذُوفَةِ الْوَاوِ، تَقُولُ: وَأَرْتُ إرَةً. وَآذَانِي أَرْيُ القِدْرِ والنَّارِ أَي حَرُّهُما؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذَا الصُّدورُ أَظْهَرَتْ أَرْيَ المِئَر
أَي حَرَّ العَداوَة. والإِرَةُ أَيضاً: شَحْم السَّنامِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وَعْدٌ كَشَحْمِ الإِرَةِ المُسَرْهَد
الْجَوْهَرِيُّ: أَرَّيْتُ النارَ تَأْرِيَةً أَي ذَكّيتها؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ تَصْحِيفٌ وَإِنَّمَا هُوَ أَرَّثْتها، وَاسْمُ مَا تُلْقِيهِ عَلَيْهَا الأُرْثَة. وأَرِّ نارَك وأَرِّ لِنَارِكَ أَي اجْعَل لَهَا إرَةً، وَهِيَ حُفْرة تَكُونُ فِي وَسَطِ النَّارِ يَكُونُ فِيهَا مُعْظَمُ الجَمْر. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ: أَرِّ نارَك افْتَحْ وَسَطَهَا لِيَتَّسِعَ الْمَوْضِعُ لِلْجَمْرِ، وَاسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي تُلْقِيهِ عَلَيْهَا مِنْ بَعَر أَو حَطَب

الصفحة 30