كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 14)

أَيَّ الأَجَلَيْنِ مَا قَضَيْتُ
؛ أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ حَيْثُما تَكُنْ أَكن ومهْما تَقُلْ أَقُلْ؟ قَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ الْكِسَائِيُّ فِي بَابِ أَمَّا وإِمَّا: إِذَا كُنْتَ آمِرًا أَو نَاهِيًا أَو مُخْبِرًا فَهُوَ أَمّا مَفْتُوحَةً، وإِذا كُنْتَ مُشْتَرِطًا أَو شَاكًّا أَو مُخَيِّراً أَو مُخْتَارًا فَهِيَ إِمَّا، بِكَسْرِ الأَلف؛ قَالَ: وَتَقُولُ مِنْ ذَلِكَ فِي الأَول أَمَّا اللهَ فاعْبُدْه وأَمَّا الْخَمْرُ فَلَا تشرَبْها وأَمَّا زَيْدٌ فَقَدْ خَرَجَ، قَالَ: وَتَقُولُ فِي النَّوْعِ الثَّانِي إِذا كُنْتَ مُشْتَرِطًا إِمَّا تَشْتُمَنَّ فإِنه يَحْلُم عَنْكَ، وَتَقُولُ فِي الشَّكِّ: لَا أَدري مَنْ قَامَ إِمَّا زَيْدٌ وإِمَّا عَمْرٌو، وَتَقُولُ فِي التَّخْيِيرِ: تَعَلَّمْ إِمَّا الْفِقْهَ وإِمَّا النَّحْوَ، وَتَقُولُ فِي المختار: لي دار بالكوفة فأَنا خَارِجٌ إِليها، فإِمَّا أَن أَسكنها، وإِمَّا أَنْ أَبيعها؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ إِمَّا بِمَعْنَى أَمّا الشُّرْطِيَّةِ؛ قَالَ: وأَنشدني الْكِسَائِيُّ لِصَاحِبِ هَذِهِ اللُّغَةِ إِلَّا أَنه أَبْدَلَ إِحدى الْمِيمَيْنِ يَاءً:
يَا لَيْتَما أُمَّنا شَالَتْ نَعامتُها، ... إِيما إلى جنة إِيما إِلى نَارِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ إِيما وأَيْما يُرِيدُونَ أَمّا، فَيُبْدِلُونَ مِنْ إِحدى الْمِيمَيْنِ يَاءً. وقال الْمُبَرِّدُ: إِذا أَتيت بإِمّا وأَمَّا فَافْتَحْهَا مَعَ الأَسماء وَاكْسِرْهَا مَعَ الأَفعال؛ وأَنشد:
إِمَّا أَقَمْتَ وأَمّا أَنت ذَا سَفَرٍ، ... فاللهُ يَحْفَظُ مَا تأْتي وَمَا تَذَرُ
كُسِرَتْ إِمّا أَقمتَ مَعَ الْفِعْلِ، وَفُتِحَتْ وأَمّا أَنت لأَنها وَلِيَت الاسم؛ وقال:
أَبا خُراشة أَمَّا أَنتَ ذَا نَفَرٍ
الْمَعْنَى: إِذا كُنْتَ ذَا نَفَر؛ قَالَ: قَالَهُ ابْنُ كَيْسان. قَالَ: وقال الزَّجَّاجُ إِمّا الَّتِي لِلتَّخْيِيرِ شُبِّهَتْ بأَن الَّتِي ضُمَّتْ إِليها مَا مِثْلَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً
؛ كُتِبَتْ بالأَلف لِمَا وَصَفْنَا، وَكَذَلِكَ أَلا كُتِبَتْ بالأَلف لأَنها لَوْ كَانَتْ بِالْيَاءِ لأَشبهت إِلى، قَالَ: قَالَ الْبَصْرِيُّونَ أَمَّا هِيَ أَن الْمَفْتُوحَةُ ضُمَّتْ إِليها مَا عِوَضًا مِنَ الْفِعْلِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إِذ، الْمَعْنَى إِذ كُنْتَ قَائِمًا فإِني قَائِمٌ مَعَكَ؛ وَيُنْشِدُونَ:
أَبا خُرَاشَةَ أَمَّا كُنْتَ ذَا نَفَرٍ
قَالُوا: فإِن وَلِيَ هَذِهِ الْفِعْلُ كُسِرَتْ فَقِيلَ إِمَّا انطلقتَ انطلقتُ مَعَكَ؛ وأَنشد:
إِمَّا أَقمت وأَمَّا أَنت مُرْتَحِلًا
فَكَسَرَ الأُولى وَفَتَحَ الثَّانِيَةَ، فإِن وَلِيَ هَذِهِ الْمَكْسُورَةَ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ أَحدثت فِيهِ النُّونَ فَقُلْتَ إِمَّا تذهبنَّ فإِني مَعَكَ، فإِن حَذَفْتَ النُّونَ جَزَمْتَ فَقُلْتَ إِمَّا يأْكلْك الذئب فلا أَبكيك. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً
، قَالَ: إِمَّا هَاهُنَا جَزَاءٌ أَي إِن شُكْرٌ وإِن كُفْرٌ. قَالَ: وَتَكُونُ عَلَى إِما الَّتِي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ
، فكأَنه قَالَ خَلَقْنَاهُ شَقِيًّا أَو سَعِيدًا. الْجَوْهَرِيُّ: وإِمَّا، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ، حَرْفُ عَطْفٍ بِمَنْزِلَةِ أَو فِي جَمِيعِ أَحوالها إِلا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنك تَبْتَدِئُ بأَو مُتَيَقِّنًا ثُمَّ يُدْرِكُكَ الشَّكُّ، وإِمَّا تَبْتَدِئُ بِهَا شَاكًّا وَلَا بُدَّ مِنْ تَكْرِيرِهَا. تَقُولُ: جَاءَنِي إِمَّا زَيْدٌ وإِمَّا عَمْرٌو؛ وَقَوْلُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
إِمَّا تَرَيْ رأْسي تَغَيَّر لونُه ... شَمَطاً فأَصْبَح كالثَّغام المُمْحِل «2»
. يُرِيدُ: إِنْ تَرَيْ رأْسي، وَمَا زَائِدَةٌ؛ قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ إِمّا الَّتِي تَقْتَضِي التَّكْرِيرَ فِي شَيْءٍ وَذَلِكَ في المجازاة
__________
(2). قوله [الممحل] كذا في الأصل، والذي في الصحاح: كالثغام المخلس، ولم يعز البيت لأحد

الصفحة 47