كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 14)

1/ 128 - "عن محمَّد بن جبير أن عُمر مرَّ على عثمانَ فسلَّم عليه، فلم يَرُدَّ عليْهِ، فدخَلَ عَلَى أبِى بكرِ فاشتكى ذلِكَ إلَيْهِ، فقال له أبو بكر: ما منَعَكَ أن تَرُدَّ عَلَى أخيك؟ قال: والله مَا سَمِعْتُهُ وأنَا أُحَدَّثُ نَفْسِى، قال أبو بكر: فِيمَاذَا تُحدَّثُ نَفْسَكَ؟ قال: خلاف الشَّيْطَان، فَجعل يُلْقى فِي نَفْسِ أَشْيَاء مَا أُحِبُّ أَنَّى تَكَلَّمْتُ بِهَا وأنَّ لِى مَا عَلَى الأَرْضِ، قُلتُ في نفسى حينَ أَلْقَى الشَّيطانُ ذَلِكَ فِى نَفْسِى: يَا لَيْتَنِى سَأَلْتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا يُنَجَّينِى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذى يُلْقى الشَّيْطَانُ فِى أنفُسِنَا؟ فقال أبو بكر: فَإِنَّى وَالله قَدِ اشْتَكيْتُ إِلَى رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُنْجِيكُمْ من ذَلِكَ أن تَقُولُوا مثْلَ الَّذِى أَمَرْتُ بِهِ عَمَّى عِندَ المَوْتِ فَلَمْ يَفْعَلْ" قالَ البوصيرى في زوايد العشرة: بسند حسن (¬1).
1/ 129 - "عن أَبِي بَكْرٍ قَالَ: قُلتُ يَا رسُولَ الله: ما نَجَاةُ هَذَا الأَمْرِ؟ فقالَ: مَنْ قَبِلَ الكَلِمَةَ الَّتِى عَرَضْتُ عَلَى عَمَّى فَرَدَّهَا؛ فَهِىَ لَهُ نَجاةٌ".
ع والمحامِلى في أماليه (¬2).
¬__________
(¬1) انظر الحديث الآتي.
(¬2) الحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده (مسند أبي بكر الصديق) باب: "من قبل الكلمة التى عرضتها على عمى فهى له" ج 1 ص 21 رقم 10 قال: حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، حدثني رجل من الأنصار من أهل الفقه، غير متهم، أنه سمع عثمان بن عفان يحدث: أن رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حزنوا عليه، حتى كاد بعضهم أن يوسوس، فقال عثمان: فكنت منهم، فبينا أنا جالس في ظل أطم، مرّ علىَّ عمر بن الخطاب فسلم علىَّ فلم أشعر أنه مرَّ ولا سلم، فانطلق عمر حتى دخل على أبي بكر فقال: "ألا أعجبك! ! مررت على عثمان فسلمت عليه فلم يرد علىَّ السلام، فأقبل أبو بكر وعمر - في ولاية أبي بكر - حتى أتيا فسلما جميعًا، ثم قال أبو بكر: جاءنى أخوك عمر، فزعم أنه مرَّ عليك فسلم فلم تردَّ عليه السلام، فما الذي حملك على ذلك؟ فقلت: ما فعلت، قال عمر: بلى، ولكنها عُبَّيَّتُكُم (*) يا بنى أميَّة! ! قال عثمان: والله ما شعرت بأنك مررت ولا سلمت، قال: فقال له أبو بكر: صدق عثمان، وقد شغلك عن ذلك أمرٌ؟ قال: قلت أجل، قال: فما هو؟ قال عثمان: قلت: توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - قبل أن أسأله عن نجاة هذا الأمر، قال أبو بكر: قد سألته عن ذلك. =
===
(*) عبية: بضم العين وكسرها، مع الباء المكسورة، والياء المفتوحة المشددة: الكبر.

الصفحة 105