كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 14)
ويمكن أن يجاب عن ذلك بأنا عند الإطلاق إنما لم نوقع عليه الثلاث- على رأي- لأن اللفظ الثاني والثالث صالح للتأكيد، كما هو صالح للإنشاء، فلو أوقعنا عليه الثلاث لكان إيقاعاً بالشك؛ وهنا لما أظهر لنا أنه لم يرد التأكيد المعتبر بنية تأكيد الأولى بالثالثة- بطل أحد الاحتمالين الذي لأجله لم نوقع الطلاق؛ فتعين الآخر، وهو إيقاع الثلاث.
قال: وإن لم ينو شيئاً، ففيه قولان:
أصحهما: أنه يقع بكل [لفظة] طلقة، وهذا هو المنقول في الأم؛ لأن اللفظ الثاني والثالث مثل الأول، وقد وقع بالأول الطلاق؛ فوجب أن يقع بهما أيضاً.
والثاني: لا يقع إلا طلقة واحدة، وهو المنقول عن الإملاء؛ لأن ذلك يحتمل التأكيد ويحتمل الاستئناف، فلا نوقع ما زاد على الواحدة بالشك؛ وهذا كله فيما إذا والى بين الألفاظ الثلاثة، ولم يفصل بينها، أما لو وقع بينها [فصل] بأن ذكرها في مجالس، أو في مجلس واحد، وسكت فوق سكتة التنفس، [ونحوه، وقعت للثلاث].
[وأبدى الرافعي في كتاب الإقرار فيها احتمالاً نذكره ثم، إن شاء الله تعالى] فلو ادعى إرادة التأكيد، لم يقبل في الحكم، ولكن يدين؛ وهذا بخلاف ما إذا أقر في مجلس بألف، [ثم في] مجلس آخر بألف، وقال: أردت إعادة الأول، وليس عليَّ [إلا] ألف واحد؛ حيث يقبل؛ لأن الإقرار إخبار، والمخبر عنه لا يتعدد بتعدد الخبر، والطلاق إيقاع وإنشاء، فإذا تعددت كلمة الإيقاع تعدد الواقع.
ويخالف- أيضاً- ما إذا قال لزوجته: والله لا أجامعك مرتين، وأطلق في المرتين، أو قيده بمدة واحدة، وادعى إرادة التأكيد؛ فإنه لا فرق في قبول ذلك بين أن يتحد المجلس أو يختلف، ولا بين أن يطول الفصل [أو لا].
الصفحة 15
512