كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 14)
قال: وإن قال: أنت طالق كل الطلاق، أو أكثر الطلاق، طلقت ثلاثاً، لأن الثلاث كله وأكثره، والمراد بالأكثر ها هنا أكثر ما يملك الزوج إيقاعه من الطلاق على وزان قولنا: أكثر الحيض، وأكثر النفاس، وأكثر مدة الخيار كذا، والمراد أقصى ما يثبت الشرع له هذا الحكم كذا.
واعلم أن بعض المشتغلين بالفقه يستشكل وقوع الثلاث بقوله: أنت طالق أكثر الطلاق؛ فإن لفظة [ففيه] أكثر تستدعي أن يبقى بقية، كما إذا قال: لفلان أكثر هذه الدار؛ فإنه لا يتناول كلها، وإذا كان كذلك فينبغي أن تطلق طلقتين؛ إذ به يتحقق هذا الوصف.
وجوابه ما ذكرناه.
ويمكن أن يجاب عنه بوجه آخر: وهو أنه لو قال لها: أنت طالق أقل الطلاق طلقت طلقة، ولو قال لها: أوسط الطلاق، وأراد في العدد طُلِّقَتْ طلقتين، وقد صرح بذلك القاضي الحسين [فيما إذا] قال: أكثر الطلاق، [و] لو أوقعنا به طلقتين، لزم أن نسوي بين [قوله: أوسط، وبين قوله: أكثر] والتفاوت بينهما ظاهر.
وفي التعليق للقاضي- أيضاً-: أنه إذا قال: أوسط الطلاق، وأراد الأوسط في الطلاق دون الأطول؛ فلا يقع إلا واحدة، وقد أجاب بعضهم [عن هذا] السؤال بأن قوله: أكثر الطلاق، أراد به: الأكثر بالنسبة إلى طلاق العبد؛ فإن العبد يملك طلقتين، والحر ثلاثاً؛ فهو على وِزَان- قولك: هذا أكثر من هذا، وهذا فيه نظر؛ من حيث إنه لو كان ذلك المراد، لزم أن يقع بقوله: أنت طالق أقل الطلاق طلقتان، وليس الأمر كذلك كما نقلناه، والله أعلم.
فرع: لو قال: أردت بقولي: أكثر الطلاق: أكثر الثلاث يتجه في هذه الصورة أن يقبل قوله باليمين؛ لأن اللفظ يحتمل ذلك، وتقع طلقتان؛ لأن وصف الأكثر بهذا التفسير يصدق بالزيادة على النصف ولا سبيل إلى إيقاع ما دون الطلقتين؛ لما تقدم [من] أن الطلاق لا يتبعض؛ ولا إلى إيقاع ما زاد عليهما؛ لأنه في محل الشك،
الصفحة 27
512