كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 14)

ش: ينهض الطحاوي بهذا الكلام لدفع ما قاله أهل المقالة الأولي من الجواب عما قاله أهل المقالة الثانية؛ ناصرًا لأهل المقالة الثانية، وإيذانًا بأن اختياره هو ما ذهب إليه أهل المقالة الثانية، وملخص ذلك: أن ما قاله أهل المقالة الأولى لا يطابق مُدَّعَاهم، فإن المُدَّعَي هو قول العاطس بعد تشميت الناس إياه: "يغفر الله لكم"، ثم رَدِّهِم احتجاج أهل المقالة الثانية بحديث عبد الله بن جعفر وعائشة - رضي الله عنهم - بأنَّ هذا إنما كان من النبي -عليه السلام- لليهود حين كانوا يتعاطسون عنده غير مطابق لدعوهم؛ لأنهم والخَصَّم أيضًا لا يختلفون في الذي ينبغي أن يقول المشمت للعاطس، وإنما الاختلاف بينهم في الذي ينبغي أن يقول العاطس بعد تشميت الناس إياه، فكيف يطابق بهذا ردهم بحديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -؟.
ص: واحتجوا في ذلك بما روي عن إبراهيم النخعي:
حدثنا محمَّد بن عمرو، قال: ثنا يحيى بن عيسى (ح).
وحدثنا أبو بشر الرقي، قال: ثنا الفريابي، قالا: ثنا سفيان، عن واصل، عن إبراهيم قال: "يهديكم الله ويصلح بالكم عند العطاس شيء قالته الخوارج؛ لأنهم كانوا لا يستغفرون للناس".
قيل لهم: وكيف يجوز أن يكون الخوارج أحدثت هذا، وقد كان النبي -عليه السلام- يقوله ويعلمه أصحابه؟
ش: أي احتج أهل المقالة الأولي أيضًا فيما ذهبوا إليه من أن العاطس بعد التشميت يقول: "يغفر الله لكم" ولا يقول: "يهديكم الله ويصلح بالكم" بما روي عن إبراهيم النخغي.
وأخرجه من طريقين صحيحين:
الأول: عن محمَّد بن عمرو، عن يونس، عن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن النهشلي الكوفي، عن سفيان الثوري، عن واصل بن حيان الأحدب الكوفي، عن إبراهيم النخعي.

الصفحة 53