كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 14)

288 - الجمع في الصلاة من غير خوف ولا سفر
حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى ثمانيا جميعًا وسبعًا جميعًا من غير خوف ولا سفر (¬1).
قال الإمام أحمد: ابن عباس قد أثبت هذا أو صححه، وغيره يقول: ابن عمر (¬2) ومعاذ (¬3) وغير واحد يقولون: إنه في السفر.
فقيل له: أيفعله الإنسان؟
فقال: إنما فعله لئلا يحرج أمته (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (705) قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . الحديث.
(¬2) أخرجه البخاري (1106) من حديث ابن عمر قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير.
(¬3) أخرجه مسلم (706) من حديث معاذ بن جبل قال: جمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، قال: فقلت: ما حمله على ذلك؟
قال: أراد أن لا يحرج أمته.
(¬4) "فتح الباري" لابن رجب 3/ 95.
مسألة: قد اختلفت مسالك العلماء في حديث ابن عباس هذا في الجمع من غير خوف ولا سفر، ولهم فيه مسالك متعددة.
المسلك الأول: أنه منسوخ بالإجماع على خلافه، وقد حكى الترمذي في آخر كتابه أنه لم يقل به أحد من العلماء، وهؤلاء لا يقولون: إن الإجماع ينسخ كما يحكى عن بعضهم، وإنما يقولون: هو يدل على وجود نص ناسخ.
المسلك الثاني: معارضته بما يخالفه، وقد عارضه الإمام أحمد بأحاديث المواقيت وقوله: "الوقت ما بين هذين" وبحديث أبي ذر في الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها وأمره بالصلاة في الوقت، ولو كان الجمع جائزًا من غير عذر لم يحتج =

الصفحة 319