كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 14)

سلام، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي أنه حدثه، عن مالك بن يخامر السكسكي، عن معاذ بن جبل، هو أصحها (¬1).
ومرة قيل لأحمد: إن ابن جابر يحدث عن خالد، عن عبد الرحمن بن عائش، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويحدث به قتادة، عن أبي قلابة، عن خالد، عن عبد اللَّه بن عباس، فأيهما أحب إليك؟ قال: حديث قتادة ليس بشيء، والقول ما قال ابن جابر (¬2).
¬__________
(¬1) ابن عدي في "الكامل" 6/ 345، "تهذيب التهذيب" 3/ 379.
(¬2) "تهذيب التهذيب" 3/ 379، "تهذيب الكمال" 17/ 203.
قلت: نقل الترمذي في "سننه" 5/ 369 عن البخاري أنه قال: هذا حديث حسن صحيح، ولكن نقل الحافظ في "الإصابة" عن البخاري أنه قال: هذا حديث مضطرب. وكذلك قال ابن خزيمة في "كتاب التوحيد" وهو قول ابن الجوزي والبيهقي والدارقطني والمروذي وغيرهم وصححه الحافظ وابن تيمية.
قلت: هذا الحديث مداره على عبد الرحمن بن عائش وهو إلى الجهالة أقرب منه إلى العدالة، فليس له في الكتب الستة إلا هذا الحديث، وقد قال فيه أبو زرعه الرازي: ليس بمعروف.
قلت: فمثل هذا لا يتحمل تفرده فضلًا عن الخلاف عليه فقد اضطرب في هذا الحديث، رواه مرة عن رجل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومرة عن مالك بن يخامر، عن معاذ، ومرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد اضطرب في هذا الحديث على ما فيه من جهالة فالعلة فيه ظاهرة، ومن دافع عنها فقد جانبه الصواب، واللَّه أعلم.
فائدة: قول الإمام أحمد: (أصحها) لا يعني صحة الحديث كما فهم ذلك ابن عدي رحمه اللَّه غايته أن عبد الرحمن بن عائش جوده ورواه على الوصل فقط مع الإقرار بالاضطراب، واللَّه أعلم.
ثم قد يقع في نقل الترمذي للبخاري أحيانًا وهم فقد قال الذهبي في "السير" في

الصفحة 57