كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 14)

فكل تصرف لا يتضمنه الإذن المطلق، ولا العرف الجاري، ولا فيه مصلحة للشركة فإن الشريك ممنوع منه.
ولهذا نص جمهور الفقهاء بأن الشريك ممنوع من التبرع من مال الشركة إلا بإذن شريكه، فمنعوا الشريك من الهبة، والقرض، والصدقة، والحط من قيمة السلعة بغير عيب؛ لأن كل هذه التصرفات من قبيل التبرع، وهو لا يملك التبرع على شريكه إلا بإذنه، والمقصود بالإذن الإذن الصريح، فلو قال له شريكه: اعمل برأيك لم يكن إذنًا؛ لأن قوله هذا يعني تفويض الرأي إليه فيما هو من أعمال التجارة، وهذه التصرفات ليست منها؛ ولأن الربح هو المقصود من الشركة، ولا يحصل الربح بهذه التصرفات.
جاء في بدائع الصنائع: "وليس لأحدهما أن يهب، ولا أن يقرض على شريكه؛ لأن كل واحد منهما تبرع.
أما الهبة فلا شك فيها. وأما القرض فلأنه لا عوض له في الحال، فكان تبرعًا في الحال، وهو لا يملك التبرع على شريكه، وسواء قال: اعمل برأيك أو لم يقل، إلا أن ينص عليه بعينه؛ لأن قوله: اعمل برأيك تفويض الرأي إليه فيما هو من التجارة، وهذا ليس من التجارة ... وليس له أن يكاتب عبدًا من تجارتهما، ولا أن يعتق على مال؛ لأن الشركة تنعقد على التجارة، والكتابة والعتق ليس من التجارة" (¬١).
وقال الزيلعي: "لا يزكي كل واحد منهما نصيب صاحبه؛ لأنه لم يأذن له فيها؛ لأن الإذن بينهما وقع في التجارة، والزكاة ليست منها" (¬٢).
---------------
(¬١) الإنصاف (٥/ ٤١٤).
(¬٢) تبيين الحقائق (٣/ ٣٢٣، ٣٢٤).

الصفحة 166