كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 14)

وأما الشافعية فتارة يعدونه ركنًا خامسًا (¬١)، وتارة يرون العمل خارجًا عن الأركان، وإنما يترتب على الشركة بعد وجودها، وما وجد بعد قيام الشركة فجعله من الأركان فيه نظر (¬٢).

وسبب الاختلاف:
أن الحنفية يرون أن الركن: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءًا داخلًا في حقيقته، وهذا خاص في الإيجاب والقبول، أما العاقدان والمعقود عليه فهي من لوازم العقد، وليست جزءًا من حقيقة العقد، وإن كان يتوقف عليها وجوده.
بينما الجمهور يرون أن الركن: ما توقف عليه وجود الشيء وتصوره عقلًا، سواء أكان جزءًا من حقيقته أم لم يكن، ووجود العقد يتوقف على العاقدين والمعقود عليه، وإن لم يكن هؤلاء جزءًا من حقيقته.
ومذهب الحنفية أجود، وأدق، والجمهور لا يطردون في تحديد الأركان، فاللوازم تارة يعتبرونها من الأركان، وتارة لا يدخلونها، فهم يجعلون الفاعل ركنًا في مثل عقد البيع والنكاح، ولا يجعلونه ركنًا في العبادات كالصلاة والحج، وإن كان لا يتصور قيام الحج والصلاة بدون فاعل.
قال في المصباح المنير: "والفرق عسر ... " (¬٣).
---------------
(¬١) جاء في نهاية المحتاج (٥/ ٥): "ولها خمسة أركان: عاقدان، ومعقود عليه، وعمل، وصيغة".
وانظر الإقناع للشربيني (٢/ ٣١٧)، منهج الطلاب (ص ٥٣).
(¬٢) حاشيتا قليوبي وعميرة (٢/ ٤١٧)، وجاء في مغني المحتاج (٢/ ٢١٢): "وأركانها ثلاثة: صيغة، وعاقدان، ومال. وزاد بعضهم رابعًا، وهو العمل".
وانظر روضة الطالبين (٤/ ٢٧٥، ٢٧٦).
(¬٣) المصباح المنير (ص ٢٣٧).

الصفحة 48