كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 14)

{يَوْمَ الْجَمْعِ} يوم القيامة، لأنّ الخلائق تجمع فيه. قال الله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} [التغابن: 9]، وقيل: يجمع بين الأرواح والأجساد. وقيل: يجمع بين كل عامل وعمله. و {لَا رَيْبَ فِيهِ} اعتراض لا محل له.
قرئ: {فَرِيقٌ} {وَفَرِيقٌ} بالرفع والنصب؛ فالرفع على: منهم فريق، ومنهم فريق، والضمير للمجموعين، لأن المعنى: يوم جمع الخلائق، والنصب على الحال منهم، أي: متفرّقين، كقوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} [الروم: 14].
فإن قلت: كيف يكونون مجموعين متفرّقين في حالة واحدة؟ قلت: هم مجموعون في ذلك اليوم مع افتراقهم في داري البؤس والنعيم، كما يجتمع الناس يوم الجمعة متفرّقين في مسجدين، وإن أريد بالجمع: جمعهم في الموقف، فالتفرّق على معنى مشارفتهم للتفرّق.
[{وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} 8]
{لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً} أي: مؤمنين كلهم على القسر والإكراه، كقوله: {وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13]،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روي عن المصنف أنه قال: " {لِّتُنذِرُ أُمَّ القُرَى ومَنْ حَوْلَهَا} عام في الإنذار بأحوال الدنيا والآخرة، ثم خص بقوله: {وتُنذِرَ يَوْمَ الجَمْعِ}، أي: يوم القيامة، زيادة في الإنذار وبيانًا لعظم أهوال يوم القيامة؛ لأن الإفراد بالذكر يدل على هذا". وقلت: ولهذا أعاد ذكر الإنذار، وهو قريب من أسلوب قوله تعالى: {وَمَلَائِكَتِهِ ...... وَجِبْرِيلَ} [البقرة: 98].
قوله: (قرئ: {فَرِيقٌ} و {فَرِيقٌ} بالرفع والنصب): أي: فريق في الجنة وفريق في السعير، أو: فريقًا في الجنة وفريقًا في السعير، فالرفع مشهور، والنصب شاذ.
?

الصفحة 13