كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 14)

وقال أبو عاصم: رأيت أبا حنيفةَ في المسجد الحرامِ يُفتي وقد اجتمع عليه الناسُ فآذَوه، فقال: ما ها هنا أحدٌ يأتينا بشُرْطيٍّ يفرِّق هؤلاء عنا؟ فدنوتُ منه وقلت: تريد شرطيًّا؟ قال: نعم، قلت: اقرأْ عليَّ هذه الأحاديثَ التي معي، فقوأها، فقمتُ عنه ووقفت بإزائه، فقال: وأين الشُّرطي؟ فقلت: لا أدري، قال: فأين ذهب قولُك؟ فقلت: أنا قلت لك: تريد شُرطيًّا؟ ولم أقل: إني أَجيبه، فقال: اُنظروا، أنا أحتال منذ كذا وكذا وقد احتال عليَّ هذا الصبيّ.
[واختلفوا في وفاته، فحكينا عن ابن سعدٍ أنَّه مات في سنة اثنتي عشرةَ ومئتين، وكذا قال خليفة. قال: وهو ابنُ تسعين سنةً وأربعةِ أشهر (¬1). وقال غيرُه: سنةَ ثلاثَ عشرةَ ومئتين، أو أربعَ عشرةَ ومئتين] (¬2).
أسند عن [خلقٍ كثير؛ لأنه طاف الدنيا، فسمع بالحجاز] جعفرَ بن محمدٍ الصادق، ومالكَ بن أنس [وابن جُرَيج] وسليمان (¬3) [وغيرَهم، وبالعراق] الثوريَّ (¬4) [وشُعبة، وسعيدَ بن أبي العروبة، في آخرَين، وسمع بالشام الأوزاعيَّ وأقرانَه، وبمصرَ حَيوَةَ بن شُرَيح وطبقتَه].
وروى عنه [جَرير بن حازمٍ الجَهضمي، وعبدُ الله بن داودَ الخُرَيبي، وهما أكبرُ منه (¬5)، و] الإمامُ أحمد بن حنبلٍ رحمةُ الله عليه، وابن المَديني [والأصمعي] (¬6) ومحمد بن إسماعيل البخاري، وخلقٌ كثير.
واتفقوا على صدقه وثقتِه وأَمانته وديانته. و [روى ابنُ عساكرٍ (¬7) عنه أنه] كان يقول:
¬__________
(¬1) لم يصرِّح في الطبقات والتاريخ بهذا القول، بل ذكر ولادته سنة (121 هـ) ووفاته سنة 212، فيكون عمره إحدى وتسعين عامًا تقريبًا.
(¬2) ما بين حاصرتين من (ب).
(¬3) هو سليمان التيمي. ووقع في (خ): سليمان الثوري، وفوقها: كذا. ولم يذكر في (ب).
(¬4) في (خ): وخلق كثير لأنه طاف الدنيا.
(¬5) عبد الله بن داود من أقرانه، وستأتي ترجمته قريبًا. وانظر تهذيب الكمال.
(¬6) وهو من أقرانه.
(¬7) في تاريخه 8/ 453 (مخطوط)، وكذا نقل عنه البخاري في التاريخ الكبير 4/ 336. وما بين حاصرتين من (ب).

الصفحة 135