كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 14)
مدح الخلفاءَ وأبا دُلَفٍ العِجْلي، فأَفرط في قوله، ومن ذلك قولُه: [من البسيط]
أنت الذي تُنْزل (¬1) الأيامَ منزلَها ... وتَنقُل الدهرَ من حالٍ إلى حالِ
وما مددتَ مَدَى طَرْفٍ إلى أَحدٍ ... إلَّا قضيتَ بأرزاقٍ وآجال
فأعطاه [أبو دُلَف] مئة ألفِ درهمٍ وقال: واللهِ لو أعطيتُه مئةَ ألف دينارٍ ما وفيتُ له، ولا كنتُ قاضيًا حقَّه.
ولما بلغ المأمونَ قولُه دعاه وقال له: فضَّلتَ أبا دُلَفٍ على العرب كلِّها في أَشعارك، وأدخلتَ في ذلك قريشًا وآلَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وعِترتَه، وأنا لا أستحلُّ دمَك بهذا، بل أكفِّرك بقولك:
أنت الذي تُنْزل الأيامَ منزلَها
وذكر البيتَين وقال: ما يَقْدر على ذلك إلَّا اللهُ تعالى. فيقال: إنَّه أَمر به فسُلَّ لسانُه من قَفاه, والصحيحُ أنَّه هرب من المأمون فمات ببغدادَ في هذه السَّنةِ ولم يُقْدر عليه.
[وقال الخطيب: مدح ابن جبلة حميد بن عبد الحميد الطوسي فبالغ، فقيل له: بالغت فِي مدحه، فقال: لا أمدح من كنت عنده في يوم سرور فأنشدته قصيدة فأمر أن يحمل إلي كل ما حمل إليه، مئة ألف درهم! (¬2)
وفي حُميدٍ يقول:
لولا حُميدٌ لم يكن ... حَسَبٌ يُعَدُّ (¬3) ولا نَسَبْ
وروى الخطيبُ جملةً من أشعاره فقال (¬4): أخبرني عليُّ بن أيوبَ الكاتب: حدَّثنا محمدُ بن عمرانَ المَرْزُباني: حدَّثني عليُّ بن هارونَ عن أبيه قال] ومن [مختار] شعرِه:
لو أنَّ لي صبرَها أو عندها جَزَعي ... لكنتُ أَعلمُ ما آتي وما أَدَعُ
لا أَحملُ اللَّومَ فيها والغرامَ بها ... ما حمَّل اللهُ نَفْسًا غيرَ ما تَسَعُ
¬__________
(¬1) في (خ): نزل، والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في الديوان ص 95.
(¬2) لم نقف عليه في تاريخه، والخبر في المنتظم 10/ 258، وفيه: يوم نيروز، بدل: يوم سرور ..
(¬3) لفظة: يعد، ساقطة من (ب)، وأثبتها من الديوان ص 31.
(¬4) في تاريخه 13/ 280. وما بين حاصرتين من (ب).