كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 14)

"المجاز" في القرآن، وأنَّه قال: (¬1)] يفسِّر كتابَ الله برأيه. فركب أبو عبيدةَ حمارَه وجاء إلى مجلس الأصمعيّ، وجلس عنده وحادثه، ثم قال له: يا أبا سعيد، ما تقول في الخبز أيُّ شيءٍ هو؟ فقال: هو الَّذي نأكله ونَخبِزه. فقال له أبو عبيدة: فقد فسَّرتَ كتابَ الله برأيك [فإنَّ الله تعالى قال: {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا}] (¬2) [يوسف: 36]. فقال الأصمعيّ: هذا شيءٌ بأن لي [فقلته] لم أفسِّره برأي، فقال أبو عبيدة: والذي تَعيب عليَّ شيءٌ بأن لي فقلتُه، ولم أفسِّره برأي. ثم قام وخرج.
[وحكى الخطيبُ (¬3) أيضًا عن المازنيّ، عن أبي عبيدةَ قال: دخلتُ على الرشيد فقال لي: يا مَعمر، بلغني أنَّ عندك كتابًا حسنًا في صفة الخيل، أحبُّ أن أسمعه منك، وكان الأصمعيُّ حاضرًا، فقال: وما تصنع بالكتب؟ يُحْضَرُ فرسٌ ونضع أيديَنا على عضوٍ عضو ونسمِّيه ونذكر ما فيه (¬4)، فقال الرشيد: يا غلام، فرس، فحضر، فقام الأصمعيُّ فوضع يدَه على عضوٍ عضو منه، وجعل يقول كذا وكذا، وقال الشاعرُ كذا وكذا، حتَّى بلغ إلى حافره.
قال أبو عبيدة: فقال لي الرشيد: ما تقول فيما قال: فقلت: أصاب في البعض (¬5) وأخطأ في البعض، والذي أصابه منِّي تعلَّمه، والذي أخطأ فيه لا أدري من أين أتى به].
وبلغ (¬6) أبا عبيدةَ أنَّ الأصمعيَّ قال إنَّ أباه كان يساير سَلْمَ (¬7) بن قتيبةَ على فرسٍ له، فقال [أبو عبيدة: ] (¬8) سبحانَ الله، واللهِ ما مَلَكَ أبو الأصمعيِّ دابَّةً قطُّ إلَّا في ثوبه. يريد القَمْل.
¬__________
(¬1) في (خ): يعيب على أبي عبيدة ذلك ويقول.
(¬2) ما بين حاصرتين من (ب).
(¬3) في تاريخه 15/ 343. وما بين حاصرتين من (ب).
(¬4) في (ب): قيل، والمثبت من تاريخ بغداد.
(¬5) في تاريخ بغداد: بعض.
(¬6) في (ب): وقال الخطيب: بلغ، ولم نقف على كلام الخطيب في تاريخه، فالزيادة غير واردة هنا.
(¬7) في (ب): سالم، وفي (خ): سلام، والمثبت من الفهرست ص 61، ومحاضرات الأدباء 1/ 660، والتذكرة الحمدونية 3/ 450.
(¬8) ما بين حاصرتين من (ب).

الصفحة 33