كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 14)

وقال عَمرو (¬1) بن أبي عَمرٍو الشَّيبانِيّ: كان أبي يُكثر من إنشاد هذا البيت: [من الرمل]
لا تُهِنِّي بعد إكرامِك لي ... فشديدٌ عادةٌ منتزَعهْ (¬2)
فقلت له: يَا أَبَة، إنك تُكثر إنشادَ هذا البيت، فقال: يَا بُنيّ، واللهِ أنا أدعو به في صلاتي وقتَ السَّحَر.
[قال الخَطيب: ] (¬3) تُوفِّي أبو عَمرٍو [في سنة عشرٍ ومئتين في] يوم السَّعانين -بسين مهمَلة- وهو عيدٌ من أعياد النَّصارى، وقد أناف على تسعين سنة. وأَسند عن أئمَّة اللغة، وروى الحديثَ عن رُكنٍ الشَّاميّ [وركنٌ روى عن مكحول]. وروى عن أبي عمرٍو الإمامُ (¬4) أَحْمد رحمةُ الله عليه وغيرُه.
[قال الخَطيب: ] وكان الإِمام أحمدُ يثني عليه ويلازم مجلسَه ويسأله ويكتب أماليَه. [قال (¬5): وقال أَحْمد: سألت أَبا عمرٍو الشيبانيَّ عن معنى قولِه - عليه السلام -: "أَخنعُ الأسامي عند اللهِ يومَ القيامةِ رجلٌ تسمَّى بمَلِك الأَملاك" (¬6) فقال: معنى "أخنع" أَوضع. وقد أشار إليه الجوهريُّ (¬7) فقال: الخنوع كالخضوع والذُّلّ، والخانع: المُريبُ الفاجر].
وقال الخرائطي (¬8): لقي عالمٌ من العلماء راهبًا من الرُّهبان، فقال له: كيف ترى الدَّهر؟ فقال: يُخلق الأبدانَ ويجدِّد الآمال، ويُبعد الأمنية ويقرِّب المَنيَّة. قال: فأيُّ الأصحاب أَبَرّ؟ قال: العملُ الصالح، قال: فأيُّ شيءٍ أضرُّ على المرء (¬9)؟ قال: اتِّباع النفسِ والهوى.
¬__________
(¬1) في (خ): عمر، والمثبت من المنتظم 10/ 219. وانظر ترجمته في طبقات النحويين واللغويين للزبيدي ص 204، ومعجم الأدباء 16/ 73، وإنباه الرواة 2/ 360.
(¬2) اختلف في نسبة هذا البيت، انظر الشعر والشعراء 2/ 729، وحماسة البحتري 2/ 271، والأغاني 8/ 392، والحماسة البصرية 2/ 10، والخزانة 6/ 471.
(¬3) في تاريخه 7/ 344. وما بين حاصرتين من (ب).
(¬4) في (خ): والإمام. ولعله سهو.
(¬5) في تاريخه 7/ 342. وما بين حاصرتين من (ب).
(¬6) أخرجه البُخَارِيّ (6205، 6206)، ومسلم (2143) من حديث أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-عنه.
(¬7) في الصحاح (خنغ).
(¬8) في اعتلال القلوب ص 68 بإسناده عن أبي عمرو الشَّيبانِيّ.
(¬9) في (خ): البر، والمثبت من (ب).

الصفحة 80