كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 14)
باب [بيان] (¬1) الخبر الموجب نصيحة الحاكم والإمام، والنهي (¬2) عن قيل وقال؛ وكثرة السؤال؛ وإضاعة المال، والدليل على كراهية الخصومات في الأموال مع النّاس، والخوض والكلام فيها، وعلى الترغيب في تعاهد صنوف الأموال، والنهي عن إضاعته ليستغني عن مسألة الناس
¬_________
(¬1) من: (ل).
(¬2) نهاية (ل 5/ 163 / ب).
6841 - حدثنا فضلك الرازي (¬1)، قال: حدثنا عبد الأعلى النرسي (¬2)، وعبد الحميد بن بيان (¬3)، قالا: حدثنا خالد (¬4) ح،
-[24]-[و] (¬5) حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ (¬6)، قال: حدثنا عفّان (¬7)، قال: حدثنا خالد بن عبد الله، عن سهيل بن أبي صالح (¬8)، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ الله يرضى لكم ثلاثًا، ويكره لكم ثلاثًا؛ يرضى لكم أنْ تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا، وأن تنصحوا لمن ولّاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال (¬9)، وإضاعة المال، وكثرة السؤال" (¬10).
-[27]- وقال غير عفان: "وأن تناصحوا"، زاد عفان في حديثه "ولا تفرقوا".
[روى عمرو بن الحارث (¬11)، حدثنا بكير بن الأشج (¬12)، عن أبي صالح (¬13)] (¬14).
¬_________
(¬1) هو الفضل بن العباس، أبو بكر الرازي المعروف بفضلك الرازي (ت 270 هـ).
والرازي: -بفتح الراء، والزاي المكسورة بعد الألف- هذه النسبة إلى الري، وهي بلدة كبيرة، وألحقوا الزاي في النسبة تخفيفًا. انظر: الأنساب للسمعاني (3/ 23).
ولقبه فضلك. انظر: كشف النقاب (2/ 353)، نزهة الألباب (2/ 71).
(¬2) هو عبد الأعلى بن حماد بن نصر الباهلي مولاهم أبو يحيى البصري، المعروف بالنّرسي -بفتح النون وسكون الراء-.
(¬3) ابن زكريا بن خالد الواسطي، أبو الحسن السكري (ت 244 هـ).
قال مسلمة بن قاسم: "ثقة"، وذكره ابن حبّان في "الثقات".
قال الذهبي: "ثقة"، وقال ابن حجر: "صدوق"، انظر: الثقات لابن حبان (8/ 401)، الكاشف (2/ 133)، تهذيب التهذيب (6/ 111)، تقريب التهذيب (ص: 564).
(¬4) ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان، أبو محمد أو أبو الهيثم الواسطي.
(¬5) الواو من: (ل).
(¬6) محمد بن إسماعيل بن سالم المكي، أبو جعفر الصائغ الكبير البغدادي (ت 276 هـ).
والصائغ: -ويقال الصايغ -بفتح الصاد، وكسر الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الغين المعجمة هذه النسبة إلى عمل الصِّياغة، وهو صَوْغ الذهب. انظر: الأنساب للسمعاني (3/ 515 - 516).
(¬7) ابن مسلم الصفار أبو عثمان البصري.
(¬8) سهيل بن أبي صالح هو موضع الإلتقاء مع مسلم، وقد وقع في المطبوع (سهل) وهو خطأ.
(¬9) قوله "قيل وقال" قيل المراد: حكاية أقاويل الناس، وأحاديثهم، والبحث عنها، وقيل: المراد حكاية الاختلاف في أمور الدين، كقوله: قال فلان كذا، وقال: فلان كذا من غير تثبت، لكن يقلد من يسمعه، ولا يحتاط لموضع اختياره من تلك الأقاويل، وقيل: المراد كثرة الكلام، لأنها تؤول إلى الخطأ.
انظر: شرح السنة للبغوي (1/ 180)، شرح صحيح مسلم للنووي (12/ 11)، فتح الباري (10/ 421).
(¬10) قوله: "كثرة السؤال" قيل المراد: سؤال الناس الأموال استكثارًا، وعدم الاقتصار على =
-[25]- = قدر الحاجة.
وقيل المراد: أن يكثر المسائل الفقهية تنطعًا، وتكلفًا فيما لم يقع، ولا تدعو إليه الحاجة، وقيل المراد: كثرة السؤال عمّا لا يعنيه من أحوال الناس، بحيث يؤدي ذلك إلى كشف عوراتهم، ويتضمن ذلك حصول الحرج في حق المسئول فإنه قد لا يؤثر إخباره بأحواله، فإن أخبره شقّ عليه، وإن كذبه في الأخبار أو تكلف التعريض لحقته المشقّة، وإن أمهل جوابه ارتكب سوء الأدب.
قال القرطبي: "والوجه حمل الحديث على عمومه"، وكذا قال الحافظ ابن حجر.
انظر: المفهم للقرطبي (5/ 164)، شرح صحيح مسلم للنووي (12/ 11)، فتح الباري (10/ 421).
والحديث أخرجه مسلم: (كتاب الأقضية -باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة والنهي عن منع وهات، وهو الامتناع من أداء حق لزمه، أو طلب ما لا يستحقه - ح (10) - 3/ 1340).
وفيه (ولا تفرقوا) كما في رواية عفان ... وليس في مسلم (وأن تنصحوا لمن ولّاه الله أمركم).
وهي زيادة صحيحة، فقد أخرج الحديث بذكرها مالك في الموطأ (2/ 990) ومن طريقه البخاري في الأدب المفرد (صـ: 158) ح (442)، والمصنف كما سيأتي في الحديث رقم (6843)، وابن حبّان (8/ 182 - 183) ح (3388) والبيهقي في شعب الإيمان (6/ 59) ح (7493)، والبغوي في شرح السنّة (1/ 179) ح (101).
وأخرجه أحمد (2/ 327)، (2/ 360) من طريق حماد بن سلمة. =
-[26]- = وأخرجه أحمد -أيضًا- (2/ 367)، والمصنف كما في هذا الحديث رقم (6841)، واللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة (1/ 117) ح (85)، من طريق خالد بن عبد الله الطحان.
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (6/ 25) ح (7399) من طريق علي بن عاصم.
وسيأتي عند المصنف -أيضًا- في الحديث رقم (6842) من طريق سليمان بن طرخان التيمي، وجميع هؤلاء [مالك، وحماد بن سلمة، وخالد الطحان، وعلي بن عاصم، وسليمان التيمي] عن سهيل به، بذكر هذه الزيادة.
وقد رواه مسلم عن زهير بن حرب عن جرير (بن عبد الحميد)، عن سهيل به، بدون ذكر هذه الزيادة، ثم رواه عن شيبان بن فرّوخ، عن أبي عوانة، عن سهيل ولم يسق متنه بل أحال على رواية جرير.
وقد أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 163) من طريق عبد الرحيم بن منيب عن جرير بن عبد الحميد به بذكر الزيادة، ثم قال: "أخرج مسلم الحديث ... في الصحيح عن زهير بن حرب وغيره عن جرير".
فمدار الحديث على سهيل، ورواية الأكثر والأحفظ على ذكر الزيادة التي فيها مناصحة الولاة.
وقد عزا غير واحد من المتقدمين هذا الحديث بالزيادة إلى صحيح مسلم، كالبغوي في شرح السنة (1/ 179)، وشيخ الإسلام ابن تيمية انظر: الفتاوى (28/ 391)، وابن كثير في تفسيره (1/ 395)، والسيوطي في الجامع الصغير مع فيض القدير (2/ 301 - 302)، وكذا عزاه كثير من المحققين المعاصرين، ولعدم ورود هذه الزيادة في صحيح مسلم، اختلف بعض شرّاحه في تعيين الثلاث المذكورة في الحديث "إن الله يرضى لكم ثلاثًا".
فذهب القاضي عياض، والنووي إلى أنّ الأولى: أن يعبدوه، والثانية: لا يشركوا به شيئًا، والثالثة: أن يعتصموا بحبل الله جميعًا ولا يتفرقوا. =
-[27]- = وذهب الأبي، والسيوطي إلى أنّ الأولى: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، والثانية: أن يعتصموا بحبل الله جميعًا، والثالثة: أن لا يتفرقوا، وبهذه الزيادة يزول الإشكال والحمد لله. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (12/ 11)، شرح صحيح مسلم للأبي (5/ 13)، الديباج للسيوطي (4/ 318).
(¬11) ابن يعقوب بن عبد الله الأنصاري، أبو أمية المصري.
(¬12) هو: بكير بن عبد الله بن الأشج القرشي مولاهم أبو عبد الله المدني.
(¬13) إسناده معلق، وقد أخرجه مسلم في صحيحه -موصولًا- من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه -كما تقدم تخريجه في الحديث السابق رقم (6841) -.
وفيه متابعة بكير بن الأشج لسهيل.
(¬14) من: (ل).