كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 14)

7281 - حدثنا عبّاس الدوري، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا أبو بكر (¬1)، عن أبي سعد بإسناده نحوه (¬2).
¬_________
(¬1) هو: أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي، (ت 194 هـ وقيل قبلها).
قال ابن معين: وأحمد: ثقة، زاد أحمد ربما غلط، وقال أحمد مرة: صدوق، وقال أيضا: كثير الغلط جدا، وكتبه ليس فيها خطأ، وقال البخاري: اختلط بأخرة، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي أحد الأئمة الأعلام صدوق ثبت في القراءة لكنه يغلط ويهم في الحديث ... وهو صالح الحديث، وقال ابن حجر: ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه وكتابه صحيح، وقد أخرج له الجماعة. العلل ومعرفة الرجال (2/ 484)، تاريخ الدامي (ص: 101)، الثقات لابن حبان (7/ 668)، ميزان الاعتدال (6/ 173 - 174)، تقريب التهذيب (1118)، الكواكب النيرات (439).
(¬2) انظر الحديث السابق رقم (7280).
7282 - حدثنا أبو أميّة، قال: حدثنا أبو حذيفة (¬1) موسى بن مسعود الثقفي، قال: حدثنا عكرمة بن عمّار، عن محمد بن عبيد أبي قدامة الحنفي (¬2)، عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة (¬3)،
-[484]- قال: ذكر حذيفةُ (¬4) مشاهدهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: جلساؤه: أما والله لو كنّا شهدنا لفعلنا ولفعلنا! فقال حذيفة: لا تَمنّوا ذلك، فلقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافّون قعودًا، أبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة اليهود أسفل منا؛ نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلةٌ أشدّ ظلمةً ولا أشدُّ ريحًا منها؛ في أصوات ريحها أمثالُ الصواعق، وهي مظلمةً ما يَرى أحدنا أصبعيه، وجعل المنافقون يستأذنون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقولون: بيوتنا عورة، وما هي بعورة، ما يستأذنه أحدٌ منهم إلّا أَذنَ له، فيؤذن لهم فينسلون (¬5)، ونحن ثلاثمائة أو نحو ذلك، إذ استقبلنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلًا رجلًا، فقال: "من يأتينا بخبر القوم
-[485]- الليلة جعله الله رفيقًا لمحمدٍ يوم القيامة"، قال: فما منهم رجل يقوم، قال: فما زال يستقبلهم رجلًا رجلًا حتى مرّ عليَّ، وما عليّ جُنَّة من العدو ولا من البرد إلّا مِرْط (¬6) لا يجاوز ركبتي، قال: فأتاني وأنا جاثي على ركبتي فقال: "من هذا؟ " فقال: "حذيفة؟ " قال: حذيفة: فتقاصرت بالأَرض فقلت: بلى يا رسول الله كراهية أنْ أقوم، فقال: "قم"، فقمت، فقال: "إنّه كائن من القوم خبر فأتني بخبر القوم"، قال: وأَنَا من أشدّ الرجال فزعًا وأَشدّه قرًّا؛ فخرجت فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته"، قال: فوالله! ما خلق الله - عز وجل - فزعًا ولا قرًا أجده في جوفي إلّا خرج من جوفي حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضَوء نارٍ لهم توقد، وإذا رجل ضخم آدم (¬7) يقول بيديه على النّار ويسخن خاصرته ويقول: [الرحيل] (¬8)، ولم أكنْ أعرف أبا سفيان قبل ذلك، فانتزعت سهمًا من كنانتي أبيض الريش، فأضعه على كبد قوسي لأرمي به في ضوء النّار، فذكرت قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحدثنّ شيئًا حتى تأتي" فأمسكت، ورددت سهمي، ثمّ إنّي شجعت نفسي حتى
-[486]- دخلت العسكر، فإذا أدنى النّاس بنو (¬9) عامر، ويقولون: يا أبا عامر [الرحيل] (¬10) لا مقام لكم، وإنّ الريح في عسكرهم لا تجاوز عسكرهم شبرًا قد دفنت رحالهم، وطَنَافسهم (¬11) يستترون بها من التراب، فجلست بين اثنين، فلما استويت بينهما، قال ذلك الرجل: الليلة ليلة الطلائع، فليسأل كلُ رجل جليسَه، فوالله إنّي لأَسمعُ صوت الحجارة في رحالهم، تربتهم الريح تضربهم بها، فقلت للذي عن يميني: من أنت؟ وقلت للذي عن شمالي: من أنت؟ ثمّ خرجت نحو النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما انتصف بي الطريق أو نحو ذلك إذا أَنا بنحوٍ من عشرين فارسًا معلَّمين (¬12) فقالوا لي: أخبر صاحبك أن الله قد كفاه القوم، فرجعت إلى رسول الله -صلى الله عليه [وسلم-] (¬13) وهو مشتمل بشملة (¬14) يصلِّي، فوالله ما عدا راجعًا إلي القَرُّ رجعت أقرقف (¬15)، فأَومأَ
-[487]- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليّ بيده [وهو يصلّي] (¬16)، فدنوت منه، فاشتمل عليّ بشملته، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمرٌ صلّى، فأُخبر خبر القوم وأُخبر أنّهم يرتحلون، فأنزل الله - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا ....} إلى آخر الآية (¬17) (¬18).
¬_________
(¬1) في (ك): "أبو حذيفة بن موسى ... " والصواب ما أثبته، انظر حديث رقم (6985).
(¬2) ويقال: محمد بن عبد الله بن أبي قدامة الدؤلي الحنفي. ذكره ابن حبّان في الثقات، وقد روى عنه عكرمة بن عمّار، وقتادة بن دعامة. قال ابن حجر: "مقبول". الثقات لابن حبّان (5/ 380)، تقريب التهذيب (صـ: 864) وانظر: الجرح والتعديل (8/ 9)، تهذيب الكمال (25/ 530).
(¬3) ويقال: عبد العزيز أخو حذيفة. ذكره ابن حبّان في التابعين من الثقات وقال: =
-[484]- = "لا صحبة له". وذهب بعضهم إلى أنّ له صحبة، على أنّه أخو حذيفة فيكون له إدراك ورؤية لأن أبا حذيفة قُتل يوم أحد مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقد صحيح أبو نعيم أَنّه ابن أخي حذيفة، ووهّم ابن منده بذكره إيّاه في الصحابة وقوله أَنّه أخو حذيفة.
وفي الرواية التي ذكر فيها عبد العزيز بن اليمان أخو حذيفة ليس عبد العزيز ولد اليمان بل نسب إليه لكونه جده، وأَمّا الحديث الذي فيه عن عبد العزيز بن أخي حذيفة ولم يسم فيه أبوه فهو المعتمد كما قال ابن حجر في الإصابة.
الثقات لابن حبّان (5/ 124)، تهذيب التهذيب (6/ 365)، الإصابة (3/ 157).
(¬4) حذيفة اليمان -رضي الله عنهما- صحابي الحديث هو موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬5) أي: يسرعون. تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: 479).
(¬6) كساء من صوف أو خزٍّ، وجمعه مروط. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 277).
(¬7) أي: أسمر. تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: 149).
(¬8) في: (ك)، والمطبوع (الرجل)، وما أثبته الصواب كما في دلائل النبوة للبيهقي (3/ 452).
(¬9) في (ك): (بني عامر).
(¬10) في (ك): (الرجلين) وفي المطبوع (الرحيلين)، وما أثبته الصواب، كما في المصدر السابق.
(¬11) جمع (طنفسة) وهي بكسر الطاء والفاء وبضمهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء: البساط الذي له خمل رقيق. النهاية (3/ 140).
(¬12) في دلائل النبوة للبيهقي: (مُعْتَمِّين).
(¬13) ساقط من: (ك).
(¬14) الشملة: كساء يتغطى به ويتلفف به. النهاية (2/ 501)، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: 318).
(¬15) أي: يُرْعَد من شدة البرد. =
-[487]- = غريب الحديث للخطابي (2/ 337)، وانظر: غريب الحديث للحربي (3/ 6005).
(¬16) في: (ك) طمس، وما أثبته من دلائل النبوة للبيهقي (3/ 453).
(¬17) سورة الأحزاب آية (9).
(¬18) انظر: الحديث رقم (7279).
وقد أخرجه من طريق محمد بن عبيد عن عبد العزيز بن أخي حذيفة عن حذيفة -رضي الله عنه- البيهقي في دلائل النبوة (3/ 451 - 453).
وأخرجه أبو داود في السنن (2/ 78) ح (1319) من طريق محمد بن عبد الله الدؤلي -كذا سماه به، مختصرًا بلفظ: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر صلّى".
وللحديث طرق أخرى، ويمكن إجمال طرق حديث حذيفة -رضي الله عنه- كالتالي:
الطريق الأول: إبراهيم التيمي عن أبيه، عن حذيفة.
أخرجه مسلم في صحيحه من طريق الأعمش عنه به (انظر الحديث رقم: 7279).
وأخرجه أبو عوانة من طريق أبي سعد البقال عنه به مطولًا وأبو سعد البقال هذا ضعيف.
الطريق الثاني: عبد العزيز بن أخي حذيفة، عن حذيفة.
أخرجه أبو عوانة، والبيهقي في دلائل النبوة، من طريق محمد بن عبيد الحنفي عنه به.
ومحمد بن عبيد هذا: وثقه ابن حبّان وقال ابن حجر: "مقبول". =
-[488]- = الطريق الثالث: بلال العبسي عن حذيفة.
أخرجه البزار (2/ 335) ح (1809) -كشف الأستار-، والحاكم في المستدرك (3/ 33) ح (4325)، والبيهقي في دلائل النبوة (3/ 450 - 451).
وقال الهيثمي: "رواه البزار ورجاله رجال الثقات" مجمع الزوائد (6/ 136).
الطريق الرابع: محمد بن كعب القرظي عن حذيفة.
أخرجه أحمد في مسنده (5/ 392 - 393) من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب به. وإسناده: صحيح.
الطريق الخامس: زيد بن أسلم -مولى عمر بن الخطاب- عن حذيفة.
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (3/ 454 - 455).

الصفحة 483