كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 14)

[باب] (¬1) بيان عفو النبي -صلى الله عليه وسلم- عمّن دعاه إلى الإيمان بالله فرد عليه قوله وأسمعه
¬_________
(¬1) من: (م)، وزاد في آخر الترجمة (الترجمة أطول منه).
7352 - حدثنا يوسف بن مسلم، قال: حدثنا حجاج (¬1)، قال: حدثنا ليث بن سعد (¬2)، عن عُقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أنّ أسامة بن زيد أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركب على حمارٍ على إكافٍ (¬3) على قطيفة (¬4) -وأَرْدَفَ أسامة بن زيد وراءه- يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، فسارَ حتى مرّ بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول قبل أَنْ يُسْلم عبد الله؛ فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين وعبدة الأوثان واليهود،
-[549]- وفي المسلمين عبد الله بن رواحة الأنصاري، فلمّا غشيت (¬5) المجلس عجاجة (¬6) الدابّة خمّر (¬7) عبد الله بن أُبيّ [أنفه] (¬8)، بردائه ثمّ قال: لا تغبروا علينا، فسلّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووقف، فدعاهم إلى الله وقرأَ عليهم القرآن، فقال له عبد الله بن أبيّ: يا أيها المرء إنّه لا أحسن مما تقول إنْ كان حقًّا، فلا تؤذنا به في مجالسنا، وارجع (¬9) إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه، قال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله! فاغشنا به في مجالسنا، فإنّا نحبّ ذلك، فاسْتَبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون (¬10)، فلم يزلْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُخَفّضهم (¬11) حتى سكتوا، فركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دابته حتى دخل على سعد بن عبادة فقال: "أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب -يريد عبد الله بن أُبيّ-؟ قال كذا وكذا"، قال سعد: يا رسول الله! بأبي أنت،
-[550]- اعف عنه، واصفح (¬12)، فقد أعطاك الله ما أعطاك، وقد اجتمع أهل هذه البُحَيْرة (¬13) أنْ يُتَوِّجوه (¬14) ويُعصِّبوه بالعصابة (¬15)، فلمّا ردّ الله ذلك بالحق الذي أعطاك شَرِق (¬16) بذلك، فذلك فعل الله (¬17) به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
¬_________
(¬1) ابن محمد المصيصي.
(¬2) الليث بن سعد هو موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬3) الإكاف للحمار كالسَّرْج للفرس. انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: 383).
(¬4) القطيفة: كساء أبيض كبير. المجموع المغيث للأصفهاني (2/ 728).
(¬5) أي: علت وغَطَّت. انظر: النهاية (3/ 369).
(¬6) أي: غُبار الدابة. انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 383).
(¬7) أي: غطى، من التخمير وهو التغطية. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 239).
(¬8) من (م).
(¬9) في (م): (فارجع).
(¬10) أي: يثور بعضهم إلى بعض بقتال أو مشاجرة، ويقال: ثار يثور ثورًا، أي: قام بسرعة وانزعاج. تفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 383).
(¬11) (يخفضهم) ليست في: (م)، ومعناها: أي: يسكنهم، ويهوّن عليهم الأمر.
تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: 383)، النهاية (2/ 54).
(¬12) في (م): (اعف منه وأصلح).
(¬13) يريد أهل المدينة. غريب الحديث للخطابي (1/ 159).
(¬14) أي: يلبسوه التاج، والعمائم عند العرب بمنزلة التيجان للملوك.
انظر: المجموع المغيث للأصفهاني (1/ 246)، النهاية (1/ 199).
(¬15) (يعصبوه بالعصابة) أي: يسوِّدوه، والسيد المطاع يقال له المعُصب، والعصابة ما يعصب بها الرأس، أي: يشد لرياسة أو مرض. وقد وقع في (م): (ويعصبوه بالعصّاب). انظر: غريب الحديث للخطابي (1/ 159)، تفسير غريب ما في الصحيحين (صـ: 383).
(¬16) أي: غصّ، شبّه ما أصابه من فوات الرياسة بالغصص. تفسير غريب ما في الصحيحين (ص: 383).
(¬17) لفظ الجلالة ساقط من: (م)، وليس في صحيح مسلم أيضًا.

الصفحة 548