كتاب مصنف ابن أبي شيبة ط السلفية بالهند (اسم الجزء: 14)
، وَعَلَى أَثَرِ أَبِي قَتَادَةَ الْمِقْدَادُ الْكِنْدِيُّ ، قَالَ : فَوَلَّوْا الْمُشْرِكِينَ مُدْبِرِينَ ، وَأَنْزِلُ مِنَ الْجَبَلِ ، فَأَعْرِضُ لِلأَخْرَمِ ، فَآخُذُ عَنْانَ فَرَسِهِ ، قُلْتُ : يَا أَخَرَمُ ، أَنْذِرْ بِالْقَوْمِ ، يَعَنْي أُحَذِّرُهُمْ ، فَإِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَقْطَعُوك ، فَاتَّئِدْ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ ، قَالَ : يَا سَلَمَةُ ، إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ ، فَلاَ تَحُل بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ ، قَالَ : فَخَلَّيْتُ عَنْانَ فَرَسِهِ ، فَيَلْحَقُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَان ، فَاخْتَلَفَا طَعَنْتَيْنِ ، فَعَقَرَ الأَخْرَمُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَطَعَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ ، وَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ.
فَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَاخْتَلَفَا طَعَنْتَيْنِ فَعَقَرَ بِأَبِي قَتَادَةَ ، وَقَتَلَهُ أبُو قَتَادَةَ ، وَتَحَوَّلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ.
ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ أَعْدُو فِي أَثَرِ الْقَوْمِ ، حَتَّى مَا أَرَى مِنْ غُبَارِ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ، وَيَعْرِضُونَ قَبْلَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ ، يُقَالُ لَهُ : ذُو قَرَدٍ ، فَأَرَادُوا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ ، فَأَبْصَرُونِي أَعْدُو وَرَاءَهُمْ ، فَعَطَفُوا عَنْهُ ، وَشَدُّوا فِي الثَّنِيَّةِ ، ثَنِيَّةِ ذِي ثَبيرٍ ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَلْحَقُ بِهِمْ رَجُلاً فَأَرْمِيهِ ، فَقُلْتُ : خُذْهَا :
وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ.
فَقَالَ : يَا ثَكِلَتْنِي أُمِّي ، أَكْوَعِي بُكْرَةَ ، قُلْتُ : نَعَمْ أَيْ عَدُوَّ نَفْسِهِ ، وَكَانَ الَّذِي رَمَيْتُهُ بُكْرَةَ فَأَتْبَعْتُهُ بِسَهْمٍ آخَرَ ، فَعَلَقَ فِيهِ سَهْمَانِ ، وَتَخَلَّفُوا فَرَسَيْنِ ، فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلأَتْهُمْ عَنْهُ : ذِي قَرَدٍ.
الصفحة 536