كتاب مصنف ابن أبي شيبة ط السلفية بالهند (اسم الجزء: 14)

فَإِذَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَمْسِ مِئَةٍ ، وَإِذَا بِلاَلٌ قَدْ نَحَرَ جَزُورًا مِمَّا خَلَّفْتُ ، فَهُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، خَلِّنِي ، فَأَنْتَخِبُ مِنْ أَصْحَابِكَ مِئَةَ رَجُلٍ ، فَآخُذَ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْعَشْوَةِ ، فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلاَّ قَتَلْتُهُ ، قَالَ : أَكُنْتَ فَاعِلاً ذَاكَ يَا سَلَمَةُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَالَّذِي أَكْرَمَ وَجْهَك ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ.
قَالَ : ثُمَّ قَالَ : إِنَّهُمْ يُقْرَوْنَ الآنَ بِأَرْضِ غَطَفَانَ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ ، قَالَ : مَرُّوا عَلَى فُلاَنٍ الْغَطَفَانِي ، فَنَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا ، فَلَمَّا أَخَذُوا يَكْشِطُونَ جِلْدَهَا ، رَأَوْا غَبَرَةً فَتَرَكُوهَا وَخَرَجُوا هُرَّابًا ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ ، فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ جَمِيعًا ، ثُمَّ أَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا قَرِيبٌ مِنْ ضَحْوَةٍ ، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، كَانَ لاَ يُسْبَقُ ، فَجَعَلَ يُنَادِي : هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ ، أَلاَ رَجُلٌ يُسَابِقُ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا ، وَأَنَا وَرَاءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرْدَفًا ، قُلْتُ لَهُ : أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا ، وَلاَ تَهَابُ شَرِيفًا ؟ قَالَ : لاَ ، إِلاَّ رَسُولَ اللهِ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ

الصفحة 537