كتاب مصنف ابن أبي شيبة ط السلفية بالهند (اسم الجزء: 14)
عِطْفَيْهِ ، قَالَ : فَتَكَلَّمَ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنْ عَلِمْنَا إِلاَّ خَيْرًا ، فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا قِيلَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا ، زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلَ ، وَمَا كُنْتُ أَجْمَعُ مِنَ الْكَذِبِ وَالْعُذْرِ ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَنْ يُنْجِيَنِي مِنْهُ إِلاَّ الصِّدْقُ ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ ، وَصَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ فَقَدِمَ ، فَغَدَوْتُ إِلَيْهِ ، فَإِذَا هُوَ فِي النَّاسِ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ ، فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ دَعَانِي ، فَقَالَ : هَلُمَّ يَا كَعْبُ ، مَا خَلَّفَك عَنِّي ؟ وَتَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لاَ عُذْرَ لِي ، مَا كُنْت قَطُّ أَقْوَى ، وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْك ، وَقَدْ جَاءَهُ الْمُتَخَلِّفُونَ يَحْلِفُونَ ، فَيَقْبَلُ مِنْهُمْ ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلَمَّا صَدَقْتُهُ ، قَالَ : أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيك مَا هُوَ قَاضٍ ، فَقُمْتُ.
فَقَامَ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ ، فَقَالُوا : وَاللهِ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا ، وَاللهِ إِنْ كَانَ لَكَافِيك مِنْ ذَنْبِكَ الَّذِي أَذْنَبْت اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَك ، كَمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِكَ ، فَقَدْ قَبِلَ مِنْهُمْ عُذْرَهُمْ ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ ، فَمَا زَالُوا يَلُومُونَنِي حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ ، فَأُكَذِّبَ
الصفحة 542