كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 14)
على بابها كأنه مودع أَوْ نَدِمَ عَلَى بِنَائِهَا فَوْقَ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ رحمه الله.
وتوفى الأمير ناصر الدين بن لاقوش يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ وَدُفِنَ بِالْقُبَيْبَاتِ، وقد ناب ببعلبكّ وبحمص، ثم قطع خبره هو وأخوه كحلن وَنُفُوا عَنِ الْبَلَدِ إِلَى بُلْدَانٍ شَتَّى، ثُمَّ رضى عنهم الأمير يلبغا وأعاد عليهم أخبارا بطبلخانات، فَمَا لَبِثَ نَاصِرُ الدِّينِ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ أَثَّرَ آثَارًا حَسَنَةً كَثِيرَةً مِنْهَا عِنْدَ عَقَبَةِ الرُّمَّانَةِ خَانٌ مَلِيحٌ نَافِعٌ، وَلَهُ بِبَعْلَبَكَّ جَامِعٌ وَحَمَّامٌ وَخَانٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ سِتٌّ وَخَمْسُونَ سَنَةً.
وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ منه درس القاضي نور الدين محمد بن قاضى القضاة بهاء الدين ابن أَبِي الْبَقَاءِ الشَّافِعِيُّ بِالْمَدْرَسَةِ الْأَتَابَكِيَّةِ، نَزَلَ لَهُ عَنْهَا وَالِدُهُ بِتَوْقِيعٍ سُلْطَانِيٍّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَأَخَذَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ 2: 197 وَفِي هَذَا الْيَوْمِ دَرَّسَ الْقَاضِي نَجْمُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّابُلُسِيُّ الشَّافِعِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْجَابِي بِالْمَدْرَسَةِ الْعَصْرُونِيَّةِ اسْتَنْزَلَ لَهُ عَنْهَا الْقَاضِي أَمِينُ الدِّينِ بْنُ الْقَلَانِسِيِّ فِي مُصَادَرَاتِهِ. وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ درس القاضي ولى الدين عبد الله بن الْقَاضِي بَهَاءِ الدِّينِ أَبِي الْبَقَاءِ بِالْمَدْرَسَتَيْنِ الرَّوَاحِيَّةِ ثُمَّ الْقَيْمَرِيَّةِ، نَزَلَ لَهُ عَنْهُمَا وَالِدُهُ الْمَذْكُورُ بِتَوْقِيعٍ سُلْطَانِيٍّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ فِيهِمَا الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ.
وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْخَمِيسِ سَلْخِ شَوَّالٍ شُهِّرَ الشيخ أسد بن الشَّيْخِ الْكُرْدِيِّ عَلَى جَمَلٍ وَطِيفَ بِهِ فِي حَوَاضِرِ الْبَلَدِ وَنُودِيَ عَلَيْهِ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ يُخَامِرُ عَلَى السُّلْطَانِ وَيُفْسِدُ نُوَّابَ السُّلْطَانِ، ثُمَّ أُنْزِلَ عَنِ الْجَمَلِ وَحُمِلَ عَلَى حِمَارٍ وَطِيفَ بِهِ فِي الْبَلَدِ وَنُودِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، ثُمَّ أُلْزِمَ السِّجْنَ وَطُلِبَ مِنْهُ مَالٌ جَزِيلٌ وَقَدْ كَانَ الْمَذْكُورُ مِنْ أَعْوَانِ بَيْدَمُرَ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَأَنْصَارِهِ، وَكَانَ هُوَ الْمُتَسَلِّمَ لِلْقَلْعَةِ فِي أَيَّامِهِ.
وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ حَادِيَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ خُلِعَ عَلَى قَاضِي الْقُضَاةِ بَدْرِ الدِّينِ بْنِ أَبِي الْفَتْحِ بِقَضَاءِ الْعَسْكَرِ الَّذِي كَانَ مُتَوَفِّرًا عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ شَمَرْنُوخَ، وَهَنَّأَهُ النَّاسُ بِذَلِكَ وَرَكِبَ الْبَغْلَةَ بِالزُّنَّارِيِّ مُضَافًا إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنْ نِيَابَةِ الْحُكْمِ وَالتَّدْرِيسِ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَهُ أُعِيدَ تَدْرِيسُ الرُّكْنِيَّةِ بِالصَّالِحِيَّةِ إِلَى قَاضِي الْقُضَاةِ شَرَفِ الدِّينِ الْكَفْرِيِّ الْحَنَفِيِّ، اسْتَرْجَعَهَا بِمَرْسُومٍ شَرِيفٍ سُلْطَانِيٍّ، مِنْ يَدِ الْقَاضِي عِمَادِ الدِّينِ بْنِ الْعِزِّ، وَخُلِعَ عَلَى الْكَفْرِيِّ، وَذَهَبَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِلتَّهْنِئَةِ بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَفِي شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ اشْتَهَرَ وُقُوعُ فِتَنٍ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ بِنَاحِيَةِ عَجْلُونَ، وَأَنَّهُمُ اقْتَتَلُوا فَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ الْيَمَنِيِّ وَالْقَيْسِيِّ طَائِفَةٌ، وَأَنَّ عَيْنَ حيتا الَّتِي هِيَ شَرْقِيُّ عَجْلُونَ دُمِّرَتْ وَخُرِّبَتْ، وَقُطِعَ أَشْجَارُهَا وَدُمِّرَتْ بِالْكُلِّيَّةِ. وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ السَّبْتِ الثَّانِيَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ لَمْ تُفْتَحْ أَبْوَابُ دِمَشْقَ إِلَى مَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ، وَكَانَ سَبَبُهُ الِاحْتِيَاطُ عَلَى أمير يقال له كسبغا، كان يريد
الصفحة 289