كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 14)

(عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تجوز شهادة بدوي) وهو الذي يسكن (¬1) في البادية، ومسكنه المضارب والخيام، وهو غير مقيم في موضع خاص به، بل يرتحل من مكان إلى مكان (على صاحب قرية) وفي "النهاية": إنما كره شهادة البدوي؛ لما فيه من الجفاء في الدين، والجهالة بأحكام الشرع؛ ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها، وإليه ذهب مالك، والنّاس على خلافه، انتهى (¬2).
وقال الإمام أحمد: أخشى أن لا تقبل شهادة البدوي على صاحب القرية لهذا الحديث، ولأنَّه متهم حيث عدل عن أن يشهد قرويًا وأشهد بدويًا، وهذا قول جماعة من أصحاب أحمد ومذهب أبي عبيد، وكذا قال مالك فيما عدا الجراح تقبل، وفي الجراح (¬3) تقبل احتياطا للدماء (¬4).
وذهب الشافعي وأبو حنيفة وابن سيرين وأبو ثور واختاره أبو الخطاب من الحنابلة إلى قبول شهادتهم، وحملوا هذا الحديث على من لم تعرف عدالته من أهل البدو، والغالب أنهم لا تعرف عدالتهم (¬5).
* * *
¬__________
(¬1) بعدها في (ل): يكون. وعليها: خـ.
(¬2) "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 109.
(¬3) زاد في الأصل: (لا) والجادة ما أثبتناه، انظر: "النوادر والزيادات" 8/ 340.
(¬4) "المغني" 14/ 149 - 150.
وانظر: لمذهب مالك "الكافي" لابن عبد البر 2/ 898.
(¬5) انظر: "مختصر اختلاف العلماء"، "الأم" 7/ 517، "المغني" 14/ 149.

الصفحة 677