كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 14)

فنزلت فيهم) هذِه الآية، كذا في البخاري (¬1) ({يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ}) رفع على الابتداء أو مضاف إلى ({بَينَكُم}) على أن يجعل (بين) مفعولا به، ويكون من إضافة المصدر إلى المفعول على السعة تجوزا، والخبر قوله بعده: {اثنَان} والتقدير: شهادة اثنين بينهما، قال الفراء: التقدير ليشهد بينكم اثنان (¬2).
({إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}) أي: أسبابه ومقدماته وهي المرض المخوف (الآية) يعني {حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} أو {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} (¬3)، أي: من غير أهل دينكم في قول عامة المفسرين؛ فلهذا استدل بهذِه الآية وهذا الحديث على جواز شهادة أهل الذمة كما تقدم، والجمهور: لا تقبل شهادتهم في شيء من أحكام المسلمين، ولا يثبت بشهادتهم حق ولا حكم، وقالوا في قوله: {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} أي: من حيكم وقبيلتكم، {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} وأي: من غير قبيلتكم ورفقتكم.
قال البيهقي: شهادة الكافر عندنا مردودة في جميع الأحوال؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (¬4)، {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ} (¬5)، {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (¬6) , {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ
¬__________
(¬1) "صحيح البخاري" (2780).
(¬2) "معاني القرآن" 1/ 323.
(¬3) المائدة: 106.
(¬4) هود: 113.
(¬5) آل عمران: 63.
(¬6) البقرة: 282.

الصفحة 688