كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 14)

وقد ذكر البيهقي في معنى هذا الحديث أن القرعة في أيهما يقدم عند إرادة تحليف القاضي لهما (¬1). وذلك أنه يحلف واحدا ثم الآخر، فإن لم يحلف الثاني بعد حلف الأول قضى بالعين كلها للحالف أولا، وإن حلف الثاني فقد استويا في اليمين، فتكون العين بينهما كما كانت قبل أن يحلفا. وهذا تشهد له رواية البخاري وأبي داود المذكورة بعد هذا، وظاهر كلام أصحابنا في الفقه أن القاضي يعين لليمين من شاء منهما على ما يراه (¬2).
قال الشيخ شمس الدين البرماوي: لكن الذي ينبغي أن يعمل به كما هو ظاهر الحديث، وينبغي أن يكون محل ذلك ما إذا لم يسبق أحدهما بالدعوى على رفيقه، ويلتمس يمينه ثم يدعي الآخر، فإن اليمين على المدعي الأول مقدمة.
على أن ابن الأثير في "جامع الأصول" حمل الحديث على الاقتراع في المقسوم بعد القسمة (¬3)، وهو بعيد لا سيما في المثليات، وكيف مثل ذلك استهامًا في اليمين، وأيضا فظاهر حديث البخاري الآتي يخالفه؛ فتأمله.
(أحبا ذلك) معنى استحبابهما اليمين أن كلًّا منهما أحب أن يحلف لتسلم له العين كلها (أو كرها ذلك) معنى كراهتهما اليمين أن يقول كل منهما: أنا لا أحلف بل يحلف غريمي أولًا.
[3617] (ثنا أحمد بن حنبل، وسلمة بن شبيب، قالا: ثنا عبد الرزاق. قال أحمد) بن حنبل في روايته. (ثنا معمر، عن همام بن
¬__________
(¬1) انظر: "سنن البيهقي" 10/ 431.
(¬2) انظر: "نهاية المطلب" 11/ 432.
(¬3) "جامع الأصول" 10/ 188.

الصفحة 714