كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 14)

وأخذ المؤيد فى محاصرته، واستدام الحرب بينهم أيّاما كثيرة فى كل يوم حتى قتل من الطائفتين خلائق، فلمّا طال الأمر فى القتال أخذ أمر الأمير نوروز فى إدبار، وصار أمر الملك المؤيد فى استظهار.
فلمّا وقع ذلك وطال القتال على النّوروزيّة سئموا من القتال وشرعوا يسمعون نوروز الكلام الخشن، وهدمت المؤيديّة طارمة «1» دمشق، كلّ ذلك والقتال عمّال فى كل يوم ليلا ونهارا والرّمى مستدام من القلعة بالمناجيق ومكاحل النّفط، وطال الأمر على الأمير نوروز حتى أرسل الأمير قمش إلى الملك المؤيد فى طلب الصّلح، وتردّدت الرسل بينهم غير مرّة حتى أنبرم الصّلح بينهم بعد أن حلف الملك المؤيّد لنوروز بالأيمان المغلّظة، وكان الذي تولى تحليف الملك المؤيد كاتب سرّه القاضى ناصر الدين محمد بن البارزىّ.
حكى لى القاضى كمال الدين ابن القاضى ناصر الدين محمد بن البارزىّ كاتب السّرّ الشّريف من لفظه- رحمه الله- قال: قال الوالد لمّا أخذت فى تحليف الملك المؤيد بحضرة رسل الأمير نوروز والقضاة قد حضروا أيضا، فشرعت ألحن فى اليمين عامدا فى عدّة كلمات حتى خرج معنى اليمين عن مقصود نوروز فالتفت القاضى ناصر الدين محمد بن العديم الحنفىّ- وكان فيه خفّة- وقال للقاضى الشافعى: كأنّ القاضى ناصر الدين بن البارزىّ ليس له ممارسة بالعربية والنّحو فإنّه يلحن لحنّا فاحشا، فسكّته البلقينىّ لوقته.
قلت: وكان هذا اليمين بحضرة جماعة من فقهاء التّرك من أصحاب نوروز فلم يفطن أحد منهم لذلك لعدم ممارستهم لهذه العلوم، وإنّما جلّ مقصود الواحد منهم [أن] «2» يقرأ مقدمة فى الفقه ويحلّها على شيخ من الفقهاء أهل الفروع، فعند ذلك يقول: أنا

الصفحة 20