كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 14)

صرت فقيها، وليته يسكت بعد ذلك، ولكنه يعيب أيضا على ما عدا الفقه من العلوم، فهذا هو الجهل بعينه- انتهى.
ثم عادت رسل نوروز إليه بصورة الحلف، فقرأه عليه بعض من عنده من الفقهاء من تلك المقولة، وعرّفه أن هذا اليمين ما بعده شىء، فاطمأنّ لذلك، ونزل من قلعة دمشق بمن معه من الأمراء والأعيان فى يوم حادى عشرين ربيع الآخر بعد ما قاتل الملك المؤيّد نحوا من خمسة وعشرين يوما أو أزيد، ومشى حتّى دخل على الملك المؤيد، فلما رآه المؤيد قام له، فعند ذلك قبّل نوروز الأرض وأراد أن يقبّل يده فمنعه الملك المؤيد من ذلك، وقعد الأمير نوروز بإزائه، وتحته أصحابه من الأمراء، وهم: الأمير يشبك بن أزدمر، وطوخ، وقمش، وبرسبغا، وإينال الرّجبىّ وغيرهم، والمجلس مشحون بالقضاة «1» والفقهاء والعساكر السلطانية، فقال القضاة: والله هذا يوم مبارك بالصّلح وبحقن الدّماء بين المسلمين، فقال القاضى ناصر الدين بن البارزىّ كاتب السّرّ:
نهار مبارك لو تمّ ذلك، فقال الملك المؤيّد: وكيف «2» لا يتمّ وقد حلفنا له وحلف لنا؟
فقال القاضى ناصر الدين للقضاة: يا قضاة، هل صحّ يمين السلطان؟ فقال قاضى القضاة جلال الدين البلقينى: لا والله لم يصادف غرض المحلف، فعند ذلك أمر الملك المؤيد بالقبض على الأمير نوروز ورفقته، فقبض فى الحال على الجميع، وقيّدوا وسجنوا بمكان من الإسطبل إلى أن قتل الأمير نوروز من ليلته، وحملت رأسه إلى الديار المصرية على يد الأمير جرباش، فوصلت القاهرة فى يوم الخميس مستهلّ جمادى الأولى، وعلّقت على باب زويلة، ودقّت البشائر، وزيّنت القاهرة لذلك.
ثم أخذ الملك المؤيّد فى إصلاح أمر مدينة دمشق، ومهدّ أحوالها، ثم خرج منها فى ثامن جمادى الأولى يريد حلب حتى قدمها بعساكره، وأقام بها إلى آخر الشهر

الصفحة 21