كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 14)

{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}

٤٩١٣٨ - عن عائشة: أنّ رجلًا قال: يا رسول الله، إنّ لي مملوكين يخونونني ويكذبونني ويعصونني، وأضربهم وأشتمهم، فكيف أنا منهم؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يُحسب ما خانوك، وعصوك، وكذبوك، وعقابك إيّاهم؛ فإن كان عقابُك إيّاهم دون ذنوبهم كان فضلًا لك، وإن كان عقابُك إيّاهم بقدر ذنوبهم كان كفافًا، لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إيّاهم فوق ذنوبهم اقتُصَّ لهم منك الفضل». فجعل الرجل يبكي ويهتف، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما تقرأ كتاب الله: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}؟». فقال الرجل: يا رسول الله، ما أجد لي ولهم شيئًا خيرًا من مفارقتهم، أُشْهِدُك أنّهم أحرار (¬١). (١٠/ ٢٩٨)
٤٩١٣٩ - عن زياد بن أبي زياد، قال: قال رجل: يا رسول الله، إنّ لي مالًا، وإنّ لي خدمًا، وإني أغضب فأعزم وأشتم وأضرب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تُوزَن ذنوبه بعقوبتك؛ فإن كانت سواء فلا لك ولا عليك، وإن كانت العقوبة أكثر فإنّما هو شيء يُؤخَذ مِن حسناتك يوم القيامة». فقال الرجل: أوَّه، أوَّه، يُؤخذ من حسناتي! أُشْهِدُك -يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -- أنّ مماليكي أحرار، أنا لا أُمْسِك شيئًا يُؤخَذ مِن حسناتي له. قال: «فحسبتَ ماذا؟! ألم تسمع إلى قوله تعالى: {ونضع الموازين القسط}؟» الآية (¬٢). (١٠/ ٢٩٩)

٤٩١٤٠ - عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قوله: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} إلى آخر الآية، وهو كقوله: {والوزن يومئذ الحق} [الأعراف: ٨]، يعني بـ «الوزن»: القسط بينهم بالحق في الأعمال، الحسنات والسيئات؛ فمن أحاطت حسناته بسيئاته ثقلت موازينه، يقول: أذهبت حسناتُه سيئاتِه، ومَن أحاطت
---------------
(¬١) أخرجه أحمد ٤٣/ ٤٠٦ - ٤٠٧ (٢٦٤٠١)، والترمذي ٥/ ٣٨٤ - ٣٨٥ (٣٤٣٦)، من طريق عبد الرحمن بن غزوان، عن ليث بن سعد، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان». وقال المنذري في الترغيب والترهيب ٤/ ٢١٧ (٥٤٥٧): «رواتهما ثقات، عبد الرحمن هذا يكنى أبا نوح، ثقة احتج به البخاري، وبقية رجال أحمد ثقات، احتج بهم البخاري ومسلم». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/ ٣٥١ - ٣٥٢ (١٨٤٠٢): «حديث عائشة وحده رواه الترمذي. رواه أحمد، وفي إسناد الصحابي الذي لم يُسَمَّ راوٍ لم يُسَمَّ أيضًا، وبقية رجالهما رجال الصحيح».
(¬٢) أورده الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ١/ ١١٤.

الصفحة 545