كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 14)

٤٩٢٧٩ - قال عطاء بن يسار: وبعث الله - عز وجل - مَلَكُ الظِّلِّ في صورة إبراهيم، فقعد فيها إلى جنب إبراهيم يُؤنِسُه. قالوا: وبعث اللهُ جبريلَ بقميصٍ مِن حرير الجنة وطِنفِسَةٍ (¬١)، فألبسه القميص، وأقعده على الطنفسة، وقعد معه يحدثه. وقال جبريل: يا إبراهيم، إنّ ربك يقول: أما علمت أنّ النار لا تَضُرُّ أحِبّائِي. ثم نظر نمرود، وأشرف على إبراهيم مِن صرحٍ له، فرآه جالسًا في روضة، والملَك قاعد إلى جنبه، وما حوله نارٌ تحرق الحطب، فناداه: يا إبراهيم، كبيرٌ إلهك الذي بلغتْ قُدْرَتُه أن حال بينك وبين ما أرى، يا إبراهيم، هل تستطيع أن تخرج منها؟ قال: نعم. قال: هل تخشى إن أقمتَ فيها أن تضرك؟ قال: لا. قال: فقم، فاخرج منها. فقام إبراهيم يمشي فيها حتى خرج منها، فلما خرج إليه قال له: يا إبراهيم، مَن الرجل الذي رأيتَه معك في صورتك قاعدًا إلى جنبك؟ قال: ذاك مَلَك الظِّلِّ، أرسله إلَيَّ رَبِّي ليؤنسني فيها. فقال نمرود: يا إبراهيم، إنِّي مُقَرِّبٌ إلى إلهك قربانًا؛ لِما رأيتُ مِن قُدْرته وعِزَّته فيما صنع بك حين أبيتَ إلا عبادته وتوحيده؛ إنِّي ذابح له أربعةَ آلاف بقرة. فقال له إبراهيم: إذًا لا يقبل الله منك ما كنت على دينك حتى تفارقه إلى ديني. فقال: لا أستطيع تَرْكَ مُلْكِي، ولكن سوف أذبحها له. فذبحها له نمرود، ثم كفَّ عن إبراهيم، ومنعه الله منه (¬٢) [٤٣٦٣]. (ز)

٤٩٢٨٠ - عن سعيد بن جبير -من طريق جعفر- قال: لَمّا أُلْقِي إبراهيم خليل الرحمن في النار قال المَلَك خازن المطر: يا ربِّ، خليلكُ إبراهيم! رجا أن يُؤذَن له فيرسل المطر، فكان أمرُ اللهِ أسرعَ مِن ذلك، فقال: {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم}. فلم يبق في الأرض نارٌ إلا طفئت (¬٣). (١٠/ ٣٠٨)

٤٩٢٨١ - عن سعيد بن جبير =

٤٩٢٨٢ - ومقاتل -من طريق إسحاق بن بشر- قالا: إنّ أولَ مَنِ اتَّخذ المنجنيق
---------------
[٤٣٦٣] أشار ابنُ عطية (٦/ ١٨٠ - ١٨١) إلى بعض ما جاء في هذا القول، وانتقده، فقال: «ورُوي أن الملِك بنى بنيانًا، واطلع منه على النار، فرأى إبراهيمَ - صلى الله عليه وسلم - ومعه ناس، فعجِب، وسأل: هل طُرِح معه أحد؟ فقيل له: لا. فناداه، فقال: مَن أولئك؟ فقال: هم ملائكة ربي. والمرويُّ في هذا كثير غير صحيح».
_________
(¬١) الطِّنْفِسَة: البساط الذي له خمل رقيق. لسان العرب (طنفس).
(¬٢) تفسير البغوي ٥/ ٣٢٨ - ٣٢٩.
(¬٣) أخرجه ابن جرير ١٦/ ٣٠٨.

الصفحة 572