كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 14)

٤٩٤٢٦ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} الآيتين، قال: انفَلَتَتْ غنمُ رجلٍ على حَرْثِ رجل، فأَكَلَتْه، فجاء إلى داود، فقضى فيها بالغنم لصاحب الحرث بما أكَلَتْ، وكأنّه رأى أنّه وجه ذاك، فمروا بسليمان، فقال: ما قضى بينكم نبيُّ الله؟ فأخبروه، فقال: ألا أقضي بينكما بقضاء عسى أن ترضيا به؟ فقالا: نعم. فقال: أمّا أنت يا صاحب الحرث فخُذْ غنم هذا الرجل، فكن فيها كما كان صاحبُها؛ أصِبْ مِن لبنها وعارضتِها وكذا وكذا ما كان يُصيب، واحرث أنت -يا صاحب الغنم- حَرْثَ هذا الرجل، حتى إذا كان حرثُه مثلَه ليلة نفشت فيه غنمُك فأَعْطِه حرثَه، وخُذ غنمك. فذلك قول الله -تبارك وتعالى-: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم}. وقرأ حتى بلغ قوله: {وكلا آتينا حكما وعلما} (¬١) [٤٣٧٢]. (ز)

٤٩٤٢٧ - قال يحيى بن سلّام: {ففهمناها سليمان}: كان هذا القضاء يومئذ، وقد تكون لأمة شريعة، ولأمة أخرى شريعة غيرها، وقضاء غير قضاء الأمة الأخرى (¬٢) [٤٣٧٣]. (ز)
---------------
[٤٣٧٢] علّق ابن عطية (٦/ ١٨٤) على حكم داود، كما جاء في قول ابن زيد وغيره، فقال: «رَأى داود - عليه السلام - أن يدفع الغنم إلى صاحب الحرث، فقالت فرقة: على أن يبقى كرمه بيده، وقالت فرقة: بل دفع الغنم إلى صاحب الحرث، والحرث إلى صاحب الغنم، فيشبه على هذا القول أنه رأى الغنم تقاوم الغلة التي أفسدت، وعلى القول الثاني رآها تقاوم الحرث وغلته، ولا يظن بداود - عليه السلام - إلا أن حكمه بنظر متوجه».
[٤٣٧٣] نقل ابنُ عطية (٦/ ١٨٤) عن فرقة أن حكم داود وسليمان كان بوحي، فنسخ الله بحكم سليمان حكم داود، فقال: «وذهبت فرقةٌ إلى أن هذه النازلة لم يكن الحكم فيها باجتهاد، وإنما حَكَم داود بوحي، وحَكَم سليمان بوحي نسخ الله تعالى به حُكْم داود، وجعلت فرقة ومنها ابن فورك قوله تعالى: {فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ} أي: فَقَّهناه القضاء الفاصل الناسخ الذي أراد الله -تبارك وتعالى- أن يستقر في النازلة». وانتقد ذلك بقوله: «وتحتاج هذه الفرقةُ في هذه اللفظةِ إلى هذا التعب، ويبقى لها المعنى قَلِقًا».
_________
(¬١) أخرجه ابن جرير ١٦/ ٣٢٦.
(¬٢) تفسير يحيى بن سلّام ١/ ٣٢٨.

الصفحة 598