كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 14)

٤٩٥٧٧ - عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- أنّ معاوية قال له يومًا: إنّه ضَرَبَتْنِي أمواجُ القرآنِ البارحةَ في آيتين لم أعرف تأويلَهما، ففزعتُ إليك. قال: وما هما؟ قال: قول الله: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه}، وأنّه يفوته إنْ أراده، وقول الله: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} [يوسف: ١١٠]، كيف هذا؟ يظنون أنه قد كذبهم ما وعدهم؟! فقال ابن عباس: أمّا يونس فظن أن لن تبلغ خطيئته أن يُقَدِّر اللهُ عليه بها العقابَ، ولم يشك أنّ الله إن أراده قَدِرَ عليه. وأمّا الآية الأخرى فإنّ الرسل استيأسوا مِن إيمان قومهم، وظنُّوا أنّ مَن أعطاهم الرِّضا في العلانية قد كذَّبهم في السر؛ وذلك لِطول البلاءِ عليهم، ولم تَسْتَيْئِسِ الرسلُ مِن نصر الله، ولم يظنوا أنهم كَذَبَهُم ما وعَدَهُم. فقال معاوية: فرَّجْتَ عَنِّي، يا ابن عباس، فرَّج اللهُ عنك (¬١). (١٠/ ٣٦١)

٤٩٥٧٨ - عن سعيد بن أبي الحسن -من طريق عوف- قال: بلغني: أنّ يونس لَمّا أصاب الذنبَ انطلق مُغاضِبًا لربه، واسْتَزَلَّهُ الشيطانُ، حتى ظنَّ أن لن نقدر عليه. قال: وكان له سلفٌ وعِبادة وتسبيح، فأبى اللهُ أن يَدَعه للشيطان، فأخذه، فقذفه في بطن الحوت، فمكث في بطن الحوت أربعين مِن بين ليلة ويوم، فأمسك اللهُ نفسَه، فلم يقتله هناك، فتاب إلى ربِّه في بطن الحوت، وراجع نفسه. قال: فقال: {سبحانك إني كنت من الظالمين}. قال: فاستخرجه اللهُ مِن بطن الحوت برحمته، بما كان سَلَف مِن العبادة والتسبيح، فجعله من الصالحين. قال عوف: وبلغني: أنّه قال في دعائه: وبَنَيْتُ لك مسجدًا في مكان لم يبنه أحدٌ قبلي (¬٢). (ز)
---------------
(¬١) عزاه السيوطي إلى الزبير بن بكار في الموفقيات.
(¬٢) أخرجه ابن جرير ١٦/ ٣٨٠.

الصفحة 631