كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 14)

يتوبون (¬١). (ز)

٤٩٦٩٨ - عن جابر الجعفي، قال: سألتُ أبا جعفر [الباقِر] عن الرَّجْعَة. فقرأ هذه الآية: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} (¬٢) [٤٣٩٤]. (ز)

٤٩٦٩٩ - عن قتادة بن دعامة، {وحرام على قرية}، قال: وجَب عليها أنّها إذا أهلكت لا ترجع إلى الدنيا (¬٣). (١٠/ ٣٧٢)

٤٩٧٠٠ - قال مقاتل بن سليمان: {وحرام على قرية} فيما خلا {أهلكناها} بالعذاب في الدنيا {أنهم لا يرجعون} يُخَوِّفُ كُفّار مكة بمثل عذاب الأُمَم الخالية في الدنيا (¬٤). (ز)

٤٩٧٠١ - قال سفيان: وجَب عليهم أنهم لا يؤمنون (¬٥). (ز)

٤٩٧٠٢ - قال يحيى بن سلّام: والعامَّة يقرؤونها: {وحرام}، وتفسيرها عندهم: حرام عليهم أنهم لا يرجعون. وهي على الوجهين في التفسير: إلى التوبة، وإلى الدنيا (¬٦) [٤٣٩٥]. (ز)
---------------
[٤٣٩٤] علّق ابنُ جرير (١٦/ ٣٩٦) على هذا القول، فقال: «فكأنّ أبا جعفر وجَّه تأويل ذلك إلى أنه: وحرام على أهل قرية أمَتْناهم أن يرجعوا إلى الدنيا».
[٤٣٩٥] في قوله تعالى: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} تأويلان: الأول: أن معناه: وحتمٌ على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون إلى الدنيا. الثاني: أن معناه: وجب عليهم ألا يتوبوا ويرجعوا إلى الإيمان.
وقد رجّح ابنُ جرير (١٦/ ٣٩٦) مستندًا إلى السياق القولَ الثاني، مُعَلِّلًا ذلك بقوله: «وذلك أنّ الله -تعالى ذِكْرُه- أخبر عن تفريق الناس دينَهم الذي بعث به إليهم الرسل، ثم أخبر عن صنيعه بِمَن عمِل بما دعته إليه رسلُه مِن الإيمان به، والعمل بطاعته، ثم أتبع ذلك قوله: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}، فلَأن يكون ذلك خبرًا عن صنيعه بِمَن أبى إجابة رسله وعمل بمعصيته وكفر به أحرى؛ ليكون بيانًا عن حال القرية الأخرى التي لم تعمل الصالحات، وكفرت به. فإذا كان ذلك كذلك فتأويل الكلام: حرام على أهل قرية أهلكناهم -بطَبْعِنا على قلوبهم، وختمنا على أسماعهم وأبصارهم، إذ صدوا عن سبيلنا، وكفروا بآياتنا- أن يتوبوا، ويراجعوا الإيمان بنا، واتباع أمرنا، والعمل بطاعتنا». ثم بيّن أن {لا} هنا بمعنى النفي، والمعنى: «وعَزْمٌ مِنّا على قرية أهلكناها أن لا يرجعوا عن كفرهم». ثم انتقد مستندًا إلى أقوال السلف قولَ مَن جعلها صِلَةً، فقال: «وقد زعم بعضُهم: أنها في هذا الموضع صلة، فإن معنى الكلام: وحرام على قرية أهلكناها أن يرجعوا، وأهل التأويل الذين ذكرناهم كانوا أعلم بمعنى ذلك منه».
وذكر ابنُ عطية (٦/ ٢٠٠) هذه الأقوال، ثم قال: «ويتجه في الآية معنى ضمنه وعيد بيّن؛ وذلك أنه ذكر مَن عمل صالحًا وهو مؤمن، ثم عاد إلى ذكر الكَفَرَة الذين مِن كفرهم ومعتقدهم أنهم لا يُحْشَرون إلى ربٍّ، ولا يرجعون إلى معادٍ، فهم يظنون بذلك أنّه لا عقاب ينالهم، فجاءت الآية مُكَذِّبَةً لظن هؤلاء، أي: ومُمْتَنِعٌ على الكَفَرَة المهلَكين أن لا [يرجعوا]، بل هم راجعون إلى عقاب الله وأليم عذابه. فتكون {لا} على بابها، والحرام على بابه، وكذلك الحرم. فتأمله».
ورجّح ابنُ كثير (٩/ ٤٤١) القول الأول، فقال: «والقول الأول أظهر». ولم يذكر مستندًا.
_________
(¬١) أخرجه يحيى بن سلّام ١/ ٣٤١.
(¬٢) أخرجه ابن جرير ١٦/ ٣٩٦.
(¬٣) عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(¬٤) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٩٢.
(¬٥) علَّقه يحيى بن سلّام ١/ ٣٤١.
(¬٦) تفسير يحيى بن سلّام ١/ ٣٤١.

الصفحة 652