كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 14)

المسجد الحرام، ونفر من بني سهم جلوس في الحطيم، وحول الكعبة ثلاث مائة وستون صنمًا، فأشار بيده إليهم، فقال: {إنكم وما تعبدون من دون الله} يعني: الأصنام {حصب جهنم أنتم لها واردون} إلى آيتين. ثم خرج، فدخل ابن الزِّبَعْرى وهم يخوضون فيما ذكر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لهم ولآلهتهم، فقال: ما هذا الذي تخوضون؟ فذكروا له قولَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال الزِّبَعْرى: واللهِ، لئن قالها بين يَدَيَّ لأخْصِمَنَّه. فدخل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن ساعته، فقال ابن الزِّبَعْرى: أهي لنا ولآلهتنا خاصة؟ أم لنا ولآلهتنا، ولجميع الأمم ولآلهتهم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكم ولآلهتكم، ولجميع الأمم ولآلهتهم». قال: خَصَمْتُك، وربِّ الكعبة، ألست تزعم أن عيسى نبيٌّ، وتُثني عليه، وعلى أُمِّه خيرًا، وقد علمت أنّ النصارى يعبدونهما، وعزيز يعبد، والملائكة تعبد؟! فإن كان هؤلاء معنا قد رضينا أنهم معنا. فسكت النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم استثنى ممن كان يعبد أنهم لا يدخلون جهنم، فقال سبحانه: {إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنّا الحُسْنى الجنة أُولئِكَ عَنْها} يعني: جهنم {مُبْعَدُونَ} يعني: عيسى وعزيرًا ومريم والملائكة? ... فلمّا سمع بنو سهم بما استثنى الله - عز وجل - مِمَّن يُعبد من الآلهة؛ عزير وعيسى ومريم والملائكة، قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هلا استثنيت هؤلاء حين سألناك، فلما خلوت تَفَكَّرْتَ! (¬١). (ز)

٤٩٧٨٠ - عن عبد الملك ابن جريج -من طريق ابن ثور- قال: دخل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسجدَ، فطاف سبعًا، وقريش جلوس بين باب بني مخزوم وباب بني جُمح، فقال - صلى الله عليه وسلم - بيده، وأشار إليهم وإلى أوثانهم: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون}. ثم خرج - صلى الله عليه وسلم -، فجاء ابن الزِّبَعْرى، وإذا قريش تسبُّه، فقال: ما لكم؟ فقالوا: إنّ ابن أبي كبشة سبَّنا، وسبَّ أوثاننا. فلمّا أن كان مِن العشي لقي ابنَ الزِّبَعْرى، فقال: يا محمد، أهي لنا ولآلهتنا خاصة دون الأمم، أو هي لجميع الأمم؟ قال: «بل هي لكم ولجميع الأمم». قال ابن الزِّبَعْرى: خصمتُك، وربِّ الكعبة؛ فإنك تثني على عيسى وأمه خيرًا، وقد عُبِدَ! فنزلت: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} (¬٢). (ز)

٤٩٧٨١ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -فيما بلغني- يومًا مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس
---------------
(¬١) تفسير مقاتل بن سليمان ٣/ ٩٣ - ٩٤.
(¬٢) أخرجه الفاكهي في أخبار مكة ٢/ ١٦٩ (١٣٦٢).

الصفحة 671