كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 14)

٤٩٩٢٨ - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّما أنا رحمةٌ مُهداة» (¬١). (١٠/ ٤٠٦)

٤٩٩٢٩ - عن محمد بن جُبَير بن مطعم، عن أبيه، قال: قال أبو جهل حين قدم مكة مُنصَرَفَه عن حَمْزَة: يا معشر قريش، إنّ محمدًا نزل يثرب، وأرسل طلائعه، وإنّما يُريد أن يُصيب منكم شيئًا، فاحذروا أن تمروا طريقَه أو تقاربوه، فإنه كالأسد الضاري، إنه حَنِق عليكم؛ لأنكم نفيتموه نفي القِرْدان (¬٢) عن المناسِم (¬٣)، واللهِ، إنّ له لَسحْرَةً، ما رأيته قط ولا أحدًا مِن أصحابه إلا رأيت معهم الشيطان، وإنّكم قد عرفتم عداوة ابنَيْ قَيْلَةَ -يعني: الأوس والخزرج-، لَهُو عدوٌّ استعان بعدو. فقال له مُطْعِم بن عديٍّ: يا أبا الحكم، واللهِ، ما رأيتُ أحدًا أصدقَ لسانًا ولا أصدق موعدًا من أخيكم الذي طردتم، وإذ فعلتم الذي فعلتم فكونوا أكفَّ الناس عنه. قال أبو سفيان بن الحارث: كونوا أشدَّ ما كنتم عليه، إن ابنَيْ قيلَةَ إن ظفَرُوا بكم لم يرْقُبوا فيكم إلا ولا ذمة، وإن أطعتموني ألجأتموهم حير كنانة (¬٤)، أو تخرجوا محمدًا مِن بين ظهرانيهم، فيكون وحيدًا مطرودًا، وأما ابنا قَيْلة -فوالله- ما هما وأهل دَهْلَك (¬٥) في المذلة إلا سواء، وسأكفيكم حدهم، وقال:
سَأمْنَحُ جانبًا منّي غَليظًا ... عَلى ما كانَ مِن قُرب وبُعْد
رجالُ الخَزْرَجيَّة أهْلُ ذُل ... إذا ما كانَ هَزْل بَعْدَ جد
فبلغ ذلك رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «والذي نفسي بيده، لأقْتُلَنَّهم، ولأصلبَنَّهم، ولأهدينهم وهم كارهون، إنِّي رحمةٌ بعثني الله، ولا يَتَوفّاني حتى يظهر الله دينه، لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحي الله بي الكفر، وأنا الحاشر
---------------
(¬١) أخرجه الحاكم ١/ ٩١ (١٠٠).
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح، على شرطهما». ووافقه الذهبي. وأورده الألباني في الصحيحة ١/ ٨٨٢ (٤٩٠).
(¬٢) القردان: جمع قُراد، وهي دُوَيَبَّة تعضّ الإبل. اللسان (قرد).
(¬٣) المناسم: جمع مِنسَم، وهي أخفاف الإبل. النهاية (نسم).
(¬٤) كذا في تفسير ابن كثير (طبعة: دار الكتب العلمية) ٥/ ٣٣٩، وفي المصدر -وهو المعجم الكبير للطبراني-: وإن أطعمتموني ألحمتموهم خبر كنانة، وفي تفسير ابن كثير (تحقيق: سامي السلامة ٥/ ٣٨٦، وطبعة: مؤسسة قرطبة ومكتبة أولاد الشيخ بتحقيق جماعة من المحققين ٩/ ٤٥٩): وإن أطعتموني ألجأتموهم خير كنابة، وفي مجمع الزوائد ٦/ ٦٧: وإن أطعتموني ألحقوهم خبر كنانة.
(¬٥) دَهْلَك -كجَعْفَرٍ-: جزيرة بين بَرِّ اليمن وبَرِّ الحَبشة. القاموس المحيط (دهلك).

الصفحة 700