كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

ورواه أصحابُ هشام بن عُروةَ، غيرَ مالك، عن هشام، عن أبيه، عن أبي مُراوح، عن أبي ذَرٍّ (¬١).
وزعَم قومٌ أنَّ هذا الحديثَ كان أصلُه عندَ مالك: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، فلمّا بلَغه أنَّ غيرَه من أصحاب هشام يُخالفونَه في الإسناد، جعَله: عن هشام، عن أبيه، مرسلًا (¬٢). هكذا قالت طائفةٌ من أهل العلم بالحديث. فاللَّهُ أعلم.
وعند ابنِ وَهْب وحدَه: عن مالك، عن ابنِ شهاب، عن حبيبٍ مولَى عُروة، عن عُروة، أنّه سمِعه يقول: جاء رجلٌ إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ اللَّه، أيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قال: "إيمانٌ باللَّه"، قال: فأيُّ العتاقَةِ أفضلُ؟ قال: "أنفَسُها عندَ أهلِها"، قال: أرأيتَ إن لم أجِدْ يا رسولَ اللَّه؟ قال: "فتُعينُ الصَّانِعَ، أو تصنَعُ لأخرق" (¬٣). قال: أفرأيتَ إن لم أستطِعْ؟ قال: "تَدَعُ الناسَ من شرِّكَ، فإنَّها صدقةٌ تصدَّقُ بها عن نفسِك" (¬٤).
هكذا رواه يونسُ بنُ عبدِ الأعلى، والحارثُ بنُ مسكين، وجماعةُ أصحابِ ابنِ وَهْب، عن ابنِ وَهْب، عن مالك، عن ابنِ شهاب. وتابَعه البَرْمَكيُّ (¬٥)، عن مَعْن، عن مالك.
---------------
(¬١) سيأتي بعض هذه الروايات بإسناد المصنِّف مع تخريجها بعد قليل.
(¬٢) وهو كذلك في المطبوع من موطأ سويد بن سعيد الحدثاني (٤٢٩) عن عروة بن الزُّبير مرسلًا.
(¬٣) قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تصنع لأخْرَق" الأخْرَق: هو الذي ليس بصانع، يقال: رجلٌ أخرق، وامرأةٌ خرْقاء: لمَن لا صنعةَ له، فإن كان صانعًا حاذقًا قيل: رجلٌ صَنَعٌ بفتح النون، وامرأةٌ صَناع بفتح الصاد. قاله النووي في شرح صحيح مسلم ٢/ ٧٥.
(¬٤) حديث مرسل، وحبيب مولى عروة: هو حبيب الأعور المدني، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (١١١٢): "مقبول"، وقال في التهذيب ٢/ ١٩٣ (٣٥٧): "كان قليل الحديث، روى له مسلم حديثًا واحدًا، وذكره ابن حبّان في الثقات، وقال: يخطئ، وإن لم يكن هو ابن هند بن أسماء، فلا أدري من هو". قلنا: حديثه في مسلم هو الآتي تخريجه قريبًا.
(¬٥) هو عبد اللَّه بن جعفر بن يحيى، أبو محمد البَرْمَكيُّ، وشيخه معن: هو ابن عيسى القزّاز.

الصفحة 117