كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

قال أبو عُمر: وهو بقُربِ وادي ذي طَوًى، وإيّاه عنى الشاعرُ النُّمَيريُّ (¬١) حيث قال:
تَضَوَّعَ مِسْكًا بطنُ نَعْمانَ أنْ ... مشَتْ به زينبٌ في نِسوةٍ خَفِراتِ (¬٢)
مَرَرْنَ بفخٍّ رائحاتٍ عَشِيّةً ... يُلَبِّينَ للرَّحمنِ مُعْتَمِراتِ
ونَعْمانُ: وادي عرفات.
وقال آخرُ:
ماذا بفَخٍّ من الإشراقِ والطِّيبِ ... ومن جَوارٍ نَقيّاتٍ رَعابيبِ (¬٣)
وأما قولُ ابنِ عُيينة: "وانْقُلْ وباءَها إلى خُمٍّ أو الجُحْفَة". شَكٌّ، فإنَّ "خُمّ" أيضًا من الجُحْفَةِ قَريبٌ.
وقال ابنُ إسحاقَ في حديثه: "وانْقُلْ وباءَها إلى مَهْيعَةَ": وهي الجُحْفة.
وقد روَى ابنُ أبي الزناد، عن موسى بن عُقْبةَ، عن سالم، عن ابنِ عمر، قال: سمِعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رأيتُ في المنام امرأةً سوداءَ ثائرةَ الشَّعَرِ تَفِلةً (¬٤)، أُخْرِجت من المدينة فأُسْكِنت مَهْيعةَ، فأوَّلتُها وباءَ المدينةِ يَنقُلُها اللهُ إلى مَهيعةَ" (¬٥).
---------------
(¬١) وهو محمد بن عبد الله النُّميريّ، والبيتان في المحاسن والأضداد للجاحظ، ص ٢١٧، وفي الكامل للمبرِّد ٢/ ٧٨، ١٦٩، والعقد لابن عبد ربّه الأندلسي ٦/ ١٧٣، وفي الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ٦/ ٢٠٣، ووقع عند بعضهم "مؤتجرات" بدل "معتمرات".
(¬٢) خفرات: الخَفَر: شدّة الحياء. الصحاح (خفر).
(¬٣) البيت في أخبار مكّة للفاكهي ٤/ ١٩٨، وزهر الأكم في الأمثال والحكم لنور الدين اليوسي ٢/ ١٩ دون نسبةٍ لقائل معيّن.
وقوله: "رعابيب" جمع رُعْبوبة: وهي المرأة الطويلة البيضاء. ينظر: المحكم لابن سيده ٢/ ١٣٤. وينظر ما سيأتي، ص ٢٢٨.
(¬٤) قوله: "تَفِلَة" المرأة التَّفِلَة: التاركة للطِّيب. تاج العروس (تفل).
(¬٥) أخرجه أحمد في المسند ١٠/ ٣٤٥ - ٣٤٦ (٦٢١٦)، والدارميّ (٢١٦١)، وابن أبي الدُّنيا في المرض والكفّارات (١٤٩)، وإسناد ضعيف؛ لأجل ابن أبي الزِّناد: وهو عبد الرحمن، وبقيّة رجاله ثقات.

الصفحة 164