كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

وروَى شعيبُ بنُ أبي حمزة، عن الزُّهريِّ، قال: أخبرني عُبيدُ الله بنُ عبدِ الله بنِ عُتبةَ، أن أباه أخبَره، أنَّه سمِع عبدَ الله بنَ الأرقم رافعًا عَقيرتَه يَتغنَّى. قال عبدُ الله بنُ عتبة (¬١): ولا والله، ما رأيتُ رجلًا كانَ أخشَى لله من عبدِ الله بنِ الأرقم.
وقد ذكَر أهلُ الأخبارِ أن عمرَ بنَ الخطاب أتى دارَ عبدِ الرحمن بنِ عوفٍ فسمِعه يتغنَّى بالرُّكبانيّة (¬٢):
وكيف ثوائي بالمدينةِ بعدَما ... قضَى وطَرًا منها جميلُ بنُ مَعْمَرِ
هكذا ذكَر هذا الخبرَ الزُّبيرُ بنُ بكّارٍ (¬٣)، وذكَره المُبرِّدُ (¬٤) مقلوبًا (¬٥)، أن عبدَ الرحمن سمِع ذلك من عمرَ. والصوابُ ما قاله الزبيرُ، واللهُ أعلم.
حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد (¬٦)، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ الفضل، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ جرير، قال: حدَّثني أبو السائب، قال: حدَّثنا ابنُ إدريس، عن ابن جريج، قال: سألتُ عطاءً عن الحُداء، والشِّعْر، والغناء، قال ابنُ إدريس: يُغنِّي غناءَ الرُّكبان. فقال: لا بأسَ به ما لم يكنْ فُحْشًا (¬٧).
---------------
(¬١) في الأصل: "عيينة"، خطأ ظاهر.
(¬٢) الرُّكبانيّة: هو نوع من الغناء والنشيد عند العرب فيه مدٌّ وتمطيط. ينظر: نهاية الأرب في فنون الأدب للنُّويري ٤/ ٢٣٩، ورغبة الآمل من كتاب الكامل لسيد بن علي المرصفي ٤/ ١٧٤.
(¬٣) كما في الإصابة لابن حجر ١/ ٥٠٠ - ٥٠١.
(¬٤) في الكامل في اللغة والأدب ٢/ ٣٩.
(¬٥) وكذا ذكره مقلوبًا المعافى بن زكريا النهرواني في الجليس الصالح، ص ٢٦.
(¬٦) هو أبو عمر، المعروف بابن الجسور الدَّينوري، وشيخه أحمد بن الفضل: هو ابن العباس الدَّينوري، ومحمد بن جرير: هو الطبري المفسِّر المشهور.
(¬٧) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٤١٤٢) عن عبد الله بن إدريس الأودي، به وأخرجه البيهقي في الكبرى ١٠/ ٢٢٥ (٢١٥٤٩)، والخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه في الرسم، ص ٢٢ من طريق عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، به. ورجال إسناده ثقات. أبو السائب: هو سلْم بن جُنادة السُّوائيّ، وعطاءٌ: هو ابن أبي رباح.

الصفحة 170