كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

وقرأتُ على عبدِ الوارثِ بنِ سفيان، أن قاسمَ بنَ أصبغَ حدَّثهم، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيل الترمذيُّ، قال: حدَّثنا نعيمٌ، قال: حدَّثنا ابنُ المبارك، قال: أخبرنا هشامٌ، عن عكرمة، عن ابن عبَّاس، قال: لأن أصلِّي وهو في ناحيةٍ من ثوبي، أحبُّ إليَّ من أن أصلِّي وأنا أُدافعُه (¬١).
فهؤلاء كَرِهوا الصلاةَ للحاقِن، وجاءت فيه رُخصةٌ عن إبراهيمَ النَّخَعيِّ، وطاوسٍ اليمانيِّ.
ذكَر ابنُ المبارك، عن الثوريِّ، عن الحسنِ بنِ عُبيدِ الله، عن إبراهيم، قال: لا بأسَ به ما لم يُعجِلْك (¬٢).
وعن سفيان، عن إبراهيمَ بنِ ميسرة، عن طاوس، قال: إنّا لنَصُرُّه صَرًّا، وإنّا لنضغَطُه (¬٣).
قال أبو عُمر: الذي نقول به: إنّه لا ينبغي لأحدٍ أن يفعلَه، فإن فعَل وسَلِمت له صلاتُه، أجزَأت عنه، وبئسما صنَع.
وفي قوله في هذا الحديث وغيره: "إذا أراد أحدُكم الغائطَ". ما يدُلُّك على هروبِ العربِ من الفُحشِ والقَذْع، ودَناءةِ القولِ وفُسولتِه، ومجانَبتِهم للخَنَا كلِّه، فلهذا قالوا لموضع الغائط: الخلاء، والمذهَبُ والمخرَجُ، والكَنيفُ، والحُشُّ، والمرحاضُ. وكلُّ ذلك كنايةٌ وفرارٌ عن التصريح في ذلك.
---------------
(¬١) أخرجه عبد الرَّزاق في مصنَّفه ١/ ٤٥٠ (١٧٥٨)، ونعيم هو ابن حماد، وابن المبارك: هو عبد الله، وهشام: هو ابن حسان القردوسي، وعكرمة: هو مولى ابن عبَّاس. وفي إسناده نعيم بن حماد فيه كلام.
(¬٢) أخرجه عبد الرَّزاق في مصنَّفه ١/ ٤٥١ (١٧٦٥) عن سفيان الثوري، عن الحسن بن عبيد الله، به. وإسناده ضعيف؛ لأجل إبراهيم: وهو ابن أبي الجعد الجعفي، فهو ضعيف كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٢/ ٩١ (٢٣٦). وباقي رجال إسناده ثقات. الحسن بن عبيد الله: هو ابن عروة النخعي.
(¬٣) أخرجه عبد الرَّزاق في مصنَّفه ١/ ٤ (٤٥١)، وابن دكين في الصلاة ١/ ١٤٩ (١٧٤) كلاهما عن سفيان الثوري، به. وإسناده صحيح، إبراهيم بن ميسرة: هو الطائفي، وطاووس: هو ابن كيسان.

الصفحة 188