كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

حديثٌ رابعٌ وخمسونَ لهشام بنِ عُروة
مالكٌ (¬١)، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، أنه قال: نزلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في عبدِ الله بنِ أمِّ مكتوم، جاء إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعَل يقول: يا محمدُ، اسْتَدْنِني. وعندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ من عُظماءِ المُشركين، فجعَل النبيُّ عليه السلامُ يُعرِضُ عنه ويُقبِلُ على الآخر ويقول: "يا فلانُ، هل ترى بما أقولُ بأسًا؟ ". فيقول: لا والدُّمَى، ما أرَى بما تقولُ بأسًا. فأُنزِلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [عبس: ١ - ٢].
وهذا الحديثُ لم يختلفِ الرواةُ عن مالكٍ في إرسالِه (¬٢)، وهو يستندُ من حديثِ عائشةَ من روايةِ يحيى بن سعيدٍ الأمويِّ (¬٣) ويزيدَ بنِ سنانٍ الرُّهاويِّ (¬٤)، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، عن عائشة، ومالكٌ أثبتُ من هؤلاء.
ورواه ابنُ جُريج، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه (¬٥)، بمثل حديثِ مالك.
وروى وكيعٌ، عن هشام، عن أبيه عُروةَ في قوله عزَّ وجلَّ: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى}. قال: نزَلت في ابنِ أمِّ مكتوم (¬٦).
وقال معمرٌ، عن قتادة، قال: جاء ابنُ أمِّ مكتوم إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يكلِّمُ يومئذٍ أُبيَّ بنَ خلف، فأعرضَ عنه، فنزلت الآية: {عَبَسَ وَتَوَلَّى}. فكان بعدَ ذلك يُكرمُه (¬٧).
---------------
(¬١) الموطّأ ١/ ٢٧٩ (٥٤٣).
(¬٢) رواه عن مالك: أبو مصعب الزُّهريّ (٢٧١)، وعبد الله بن وهب المصري في تفسير القرآن من الجامع (٢٥١).
(¬٣) سيأتي بإسناد المصنِّف مع تخريجه قريبًا.
(¬٤) وهو التميمي الجَزَري، ضعيف، ضعّفه أحمد وابن المديني، وقال ابن معين في رواية عباس الدُّوري وأبي بكر بن أبي خيثمة: ليس حديثه بشيء. ينظر: تهذيب الكمال ٣٢/ ١٥٦ - ١٥٧.
(¬٥) قفز نظر ناسخ الأصل إلى "أبيه" الآتية، فسقط ما بينهما.
(¬٦) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٤/ ٢١٨. وكيع هو ابن الجرّاح الرُّؤاسي.
(¬٧) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٤٨، وابن جرير الطبري في تفسيره ٢٤/ ٢١٨.

الصفحة 355