كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

القَطُوطيُّ (¬١) الدُّوريُّ، قال: حدَّثنا إسحاقُ بنُ موسى الأنصاريُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ بشير، قال: حدَّثنا أبو البلاد، عن مُسلم بنِ صُبيح، عن مَسْروق، قال: دخلتُ على عائشة، وعندَها رجلٌ مكفوفٌ تقطعُ له الأترُجَّ، وتُطعمُه إياه بالعَسَل، فقلت: مَن هذا يا أمَّ المؤمنين؟ فقالت: ابنُ أمِّ مكتوم الذي عاتَب اللهُ فيه نبيَّه - صلى الله عليه وسلم -؛ أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وعندَه عتبةُ وشيبةُ، فأقبَل عليهما، فنزلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} (¬٢).
وذكَر حجّاجٌ (¬٣)، عن ابنِ جُريج، قال: قال ابنُ عباس: جاءه ابنُ أمِّ مكتوم وعندَه رجالٌ من قريش، فقال له: علِّمْني مما علَّمك الله. فأعرَض عنه، وعبس في وَجهه، وأقبَل على القوم يدعوهم إلى الإسلام، فأُنزلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} فكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نظَر إليه بعدَ ذلك مُقْبلًا بسَط رداءَه حتى يُجلسَه عليه، وكان إذا خرَج من المدينةِ استخلفَه يصلِّي بالناس حتى يرجع.
---------------
(¬١) منسوب إلى قطوط (ولعلها هي قطوطا) وهي محلة من نواحي دور بغداد فيما يظن السمعاني، كما في "القطوطي" من الأنساب. والهيثم هذا ترجمه الخطيب في تاريخه ١٦/ ٩٦ ونَسَبه فقال: "الهيثم بن خلف بن محمد بن عبد الرحمن بن مجاهد، أبو محمد الدُّوري"، وذكر أنه توفي سنة ٣٠٧ هـ ونقل عن أحمد بن كامل القاضي قوله فيه: كان كثير الحديث جدًّا ضابطًا لكتابه.
وعنه ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ٦/ ١٥٦ والذهبي في تاريخ الإسلام ٧/ ١٢٧.
(¬٢) أخرجه الطبراني في الأوسط ٩/ ١٥٥ (٩٤٠٤) عن أبي محمد الهيثم بن خلف القطُوطي، به.
وأخرجه البيهقي في شهب الإيمان ٦/ ٢٨٦ (٨١٧٨) من طريق إسحاق بن موسى الأنصاري، به.
وهو عند الحاكم في المستدرك ٣/ ٦٣٤ من طريق أحمد بن بشير الهمداني، به وإسناده ضعيف، أحمد بن بشير الهمداني، هو القرشي المخزومي، مولى عمرو بن حريث: "صدوق له مناكير" كما في تحرير التقريب ١/ ٥٧، وأبو البلاد: هو يحيى بن أبي سليمان الغطفاني، قال أبو حاتم كما في الجرح والتعديل ٩/ ١٦٠ (٦٦٠): "شيخ يُكتب حديثه"، يعني: مع ضعفه.
(¬٣) حجّاج: هو ابن محمد المِصِّيصي، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وهذا الأثر أخرج نحوه ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٤/ ٢١٧ - ٢١٨ من طريق عطية بن سعيد العوفي، عنه، به.

الصفحة 357