كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 14)

وقال زُفَرُ والليثُ بنُ سَعْد: يدخلُ في الشهر وفي اليوم قبلَ طلوع الفجر.
وهو قولُ أبي يوسُفَ؛ ولم يفرِّقوا بينَ الشهر واليوم (¬١).
قال أبو عُمر: ذهَب هؤلاء إلى أنّ الليلَ لا مدخلَ له في الاعتكاف إلا أن يتقدَّمَه ويتصلَ به اعتكافُ نهار وذَهب أولئك إلى أنَّ الليلةَ تَبعٌ لليوم في كلِّ أصل، فوجَب اعتبارُ ذلك.
وروَى يحيى بنُ سعيد، عن عَمْرَة، عن عائشة، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يعتكفَ صلَّى الصُّبحَ ثم دخَل المكانَ الذي يعتكفُ فيه (¬٢).
قال أبو عُمر: قد ذكَرنا معاني الاعتكافِ وأصولَ مسائلِه وأمهاتِ أحكامِه في باب ابنِ شهاب، عن عُروة (¬٣) من هذا الكتاب.
وأجمع العلماءُ على أنّ رَمَضانَ كلَّه موضعٌ للاعتكاف، وأنَّ الدهرَ كلَّه موضعٌ للاعتكافِ إلا الأيامَ التي لا يجوزُ صيامُها، وقد ذكَرْنا ما لهم من التَّنازُع في الاعتكافِ بغيرِ صوم في باب ابن شهاب، عن عُروة، وذكَرْنا اختلافَهم في صيام أيام التشريقِ في غيرِ موضع من هذا (¬٤) الكتاب (¬٥)، والحمد للّه.
وأما قوله في ليلة القَدْر: "إني رأيتُها ثم أُنسِيتُها، ورأيتُني أسجدُ من صُبْحَتِها في ماءٍ وطين، فالتَمِسُوها في العشرِ الأواخر، والتمِسُوها في كلِّ وِتْر". فعلى هذا أكثرُ
---------------
(¬١) نقله عنهم الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٥٠، وكذا ذكر محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط ٢/ ٢٩٨، قال: "كان بمنزلة: للّه عليّ أن أعتكف شهرًا".
(¬٢) سلف تخريجه في أثناء شرح الحديث الواحد المرسل لابن شهاب الزُّهري عن عمرة بنت عبد الرحمن، وهو في الموطأ ١/ ٤٢٤ (٨٨٥).
(¬٣) في الحديث الرابع لابن شهاب الزُّهري عن عروة بن الزبير، وهو في الموطأ ١/ ٤١٩ (٨٦٦)، وقد سلف في موضعه.
(¬٤) سقط اسم الإشارة من الأصل.
(¬٥) ينظر: شرح الحديث الثاني عشر من مراسيل ابن شهاب، وشرح الحديث الثالث لمحمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج.

الصفحة 423